كتاب شرح سنن النسائي المسمى شروق أنوار المنن الكبرى الإلهية بكشف أسرار السنن الصغرى النسائية (اسم الجزء: 2)

الشيء بالماء، وهل يشترط الدلك مع ذلك أم لا؟ تقدّم البحث في شرح الآية والأصل في اللغة: التعميم بالماء فقط. وقوله: (سبع) منصوب على أنه نائب عن المصدر عند من لا يعتبره مصدرًا في نفسه، مبين للعدد، أو هو مصدر ومرات تمييز، وهو جمع مرة الواحدة من الفعل.
وفي رواية علي بن مسهر عند مسلم: (فليرقه) وكذا للمصنف كما يأتي قريبًا إن شاء الله لكن قال النسائي: لا أعلم أحدًا تابع علي بن مسهر على زيادة "فليرقه".
وقال ابن عبد البر: لم يذكرها الحفاظ من أصحاب الأعمش كأبي معاوية وشعبة. وقال حمزة الكناني: إنها غير محفوظة. وقال ابن مندة: لا تعرف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بوجه من الوجوه إلا عن علي بن مسهر بهذا الإِسناد، وذكر ابن حجر أنه ورد من طريق عطاء عن أبي هريرة الأمر بالإراقة ذكره ابن عدي وقال: في رفعه نظر والصحيح أنه موقوف. وكذا ما ذكره الدارقطني من طريق حمَّاد عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة موقوفًا. قلت: وقد تقدّمت الإشارة إلى الرواية الموقوفة عن أبي هريرة في غسل الإِناء ثلاثًا، فتبين بذلك أن الرواية المرفوعة في الأمر بالإِراقة وإن صح سندها شاذة لانفراد ابن مسهر بها وإن كانت زيادة الثقة مقبولة على شرطها، لكن علتها الشذوذ عند من لم يقبلها وسيأتي ذلك إن شاء الله.
وقوله: (الكلب) ظاهره العموم في سائر الكلاب فيشمل المأذون في اتخاذه وغير المأذون فيه، والكلب الأسود وغيره، وكلب البادية والحاضرة وسيأتي قول بعض المالكية أنه خاص بغير المأذون فيه، لأن الرخصة فيه تنافي الأمر بغسل الإِناء منه لما فيه من مزيد المشقة، وقول ابن الماجشون في الفرق بين كلب البادية وغيره، وتقدّم أن الإِناء ليس مخصوصًا فيشمل سائر الأواني التي يصح فيها الولوغ ويحصل بالفعل، وظاهر الأمر الوجوب. وسيأتي الكلام عليه وأكثر الروايات الصحيحة انتهت عند ذكر السبع بدون ذكر الإِراقة أو ما يُفْهِمُ الزيادة عليها، إلا في رواية ابن مسهر المتقدّم ذكرها، ورواية ابن مغفل الآتية، وفيها: "عفّروه الثامنة بالتراب" كما يأتي إن شاء الله. وفي الترمذي: "أولاهن أو أخراهن بالتراب". ومثله للبزار، ورواية عن الشافعي، وصحح إسنادها. ولأبي عبيد في كتاب الطهور له مثل ذلك.

الصفحة 262