كتاب شرح سنن النسائي المسمى شروق أنوار المنن الكبرى الإلهية بكشف أسرار السنن الصغرى النسائية (اسم الجزء: 2)

الإِناء نحوها حتى شربت فجعلت المرأة تنظر إلى فعله متعجبة منه فعرف ذلك من حالها فقال: (أتعجبين) أي مما رأيتني صنعت بهذه الهرة لأنه عرف أن إنكارها لذلك استقذارًا للهرة فإنها لا تجتنب النجاسات وتأكل الحشرات فأخبرها بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إنها ليست بنجس وإنها من الأشياء التي تطوف على الناس ولا تنفك منهم، والتحرز منها يشق فلذلك لم يعتبر الشرع تعاطيها للأقذار مقتضيًا لنجاسة عينها ولا سؤرها.

• الأحكام والفوائد
الحديث دل على طهارة سؤر الهرة وهو قول جمهور فقهاء الإِسلام، مالك وأحمد والشافعي وأبي يوسف القاضي والحسن بن صالح والأَوزاعي ونسبه ابن عبد البر للعباس وابنه عبد الله وعلي بن أبي طالب وابن عمر وعائشة وأبي قتادة والحسن والحسين وعلقمة وإبراهيم وعكرمة وعطاء بن يسار ذكره ابن عبد البر.
قال: واختلف في ذلك عن أبي هريرة والحسن البصري، فروى عطاء عن أبي هريرة أن الهر كالكلب يغسل منه الإِناء سبعًا، وروى أبو صالح ذكوان عنه قال: "السِّنور من أهل البيت" روى أشعث عن الحسن أنه كان لا يرى بأسًا بسؤر السِّنور. وروى يونس عنه يغسل الإِناء منه مرة. قال ولا نعلم أحدًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رُوِيَ عنه في الهر أنه لا يتوضأ بسؤره إلَّا أبا هريرة على اختلاف عنه، ثم ذكر جماعة من التابعين ابن المسيب وابن سيرين وعطاء بن أبي رباح أنهم أمروا بإراقة ماء وَلَغَ فيه الهر، وغسل الإِناء منه، قال: وسائر التابعين بالعراق والحجاز يقولون في الهر إنه طاهر لا بأس بالوضوء بسؤره، ثم الحجة عند التنازع سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد صح عنه ما ذكرنا من حديث أبي قتادة وعليه اعتماد الفقهاء في كل قطر إلا الإِمام أبا حنيفة ومن قال بقوله. قال أبو عبد الله محمَّد بن نصر المروزي: الذي صار إليه جلُّ أهل الفتوى من علماء الأمصار من أهل الأثر والرأي جميعًا أنه لا بأس بسؤر السنور اتباعًا للحديث الذي روينا يعني حديث أبي قتادة، وقال: وممن ذهب إلى ذلك الإِمام مالك بن أنس، وأهل المدينة، والليث ابن سعد فيمن وافقه من أهل العراق، قال الأوزاعي في أهل الشام وسفيان الثوري فيمن وافقه من أهل

الصفحة 282