كتاب شرح سنن النسائي المسمى شروق أنوار المنن الكبرى الإلهية بكشف أسرار السنن الصغرى النسائية (اسم الجزء: 1)

الكتب المعتمدة؛ نعم قال بعضهم: شرط حسنه عدم الالتباس مع تضمن نكتة، وهو هنا كذلك؛ لأن الغاية دلت على أن هذا المجرور ليس بممسوح؛ إذ المسح لم يوجد مغيا في كلامهم ولذا لم يغيَّ آية التيمم وإنما يغيَّ في الغسل ولذا غُيَّ في الآية) اهـ.
قال كاتب الحروف -عفا الله عنه-: وقد صرحوا به في النعت كما سبق في الأمثلة، وكقوله تعالى: {عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ} و {عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ} فإن "محيطًا وأليمًا" نعتان لعذاب، وهو غير مجرور جُرَّ كل منهما على الجوار، ومنه قول ذي الرمة:
تريك سنة وجه غيرِ مقرفة ... ملساء ليس بها خال ولا ندب
فإن "غير" مجرور بالجوار، وهو نعت لسنة المنصوب على المفعولية فهو كبيت امرئ القيس السابق.
وفي التوكيد كقول الشاعر:
يا صاح بلغ ذوي الزوجات كلِّهم ... أن ليس وصل إذا انحلت عرى الذنب
فكلِّهم بالجر، وهي توكيد لذوي المنصوب جرّت بالجوار، ومن أمثلته في العطف مع ما تقدم قوله تعالى: {وَحُورٍ عِينٍ} في قراءة الكسائي، وحمزة والمفضل عن عاصم بالجر؛ فإنها عطف على "ولدان" في قوله تعالى: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (17)} وهو فاعل ولكنهم قرؤوها بالجر لمجاورتها أكواب وأباريق، والحور لا يطاف بها. وكقول زهير:
لم يبق إلا أسير غير منفلت ... وموثق في حبال القد مجنوب
فموثق على هذه الرواية مجرورة بالجوار لمنفلت مع أنها معطوفة على "أسير" المرفوعة، ومثله قول امرئ القيس:
فظل طهاة اللحم من بين منضج ... صفيف شواء أو قدير معجل
فإن "معجل" مجرور على أنه صفة لقدير، وإنما جرّ "قدير" بالجوار؛ فإنه معطوف على صفيف، وهو مفعول لمنضج، وإن جوّز فيه غير هذا الوجه فهو ضعيف، وفيه تكلف بتقدير محذوف.
فهو كما ترى ثبت في النعت، والعطف، والتوكيد.

الصفحة 29