كتاب شرح سنن النسائي المسمى شروق أنوار المنن الكبرى الإلهية بكشف أسرار السنن الصغرى النسائية (اسم الجزء: 1)

قوله: {إِلَى الْكَعْبَيْنِ} تقدم أن إلى تكون للغاية زمانية كانت أو مكانية، وأن ابن هشام ذكر أنها تأتي لثمانية معان: الأول: ما تقدم، الثاني: المعية وحمل عليه قوله هنا -إلى الكعبين-، والثالث: التبيين، وهي المبيِّنة لفاعلية مجرورها بعد ما يفيد بُغْضًا، أو حبًا من فعل تعجب، أو اسم تفضيل نحو: {السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ}، الرابع: مرادفة اللام نحو الأمر إليك، أي: لك، الخامس: مرادفة "في" كقول النابغة:
فلا تتركني بالوعيد كأنني ... إلى الناس مطليّ به القار أجرب
أي في الناس، وقيل منه قوله تعالى: {لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} أي فيه، السادس: الابتداء كقول الشاعر:
تقول وقد عاليت بالكور فوقها ... أيسقى فلا يروى إلى ابن أحمرا
أي من.
السابع: موافقة "عند" كقوله:
أم لا سبيل إلى الشباب وذكره ... أشهى إليَّ من الرحيق السلسل
أي: عندي، الثامن: التوكيد، وهي الزائدة وجعل الفراء منه قراءة من قرأ: {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ} بفتح الواو أي تهواهم.
والكعبان هما العظمان الناتئان في مفصل الساق المتصلان بالساق يكتنفانه، خلافًا لمن زعم أنهما العظمان الصغيران المنبطحان على ظهر القدم، وكونهما اللذين على طرف الساق الأسفل هو الصحيح، كما دل عليه حديث النعمان بن بشير في تسوية الصفوف: "فرأيت الرجل يلصق منكبه بمنكب صاحبه، وركبته بركبته، وكعبه بكعبه" وقال - صلى الله عليه وسلم -: "ما زاد على الكعبين ففي النار" يعني من الإِزر.
وهو في كلام العرب المرتفع العالي، ولهذا يقولون لثدي الجارية أول ما يرتفع كعب ثديها فهي كاعب، قال عمر بن أبي ربيعة:
فكان مجني دون من كنت أتقى ... ثلاث شخوص كاعبان ومعصر
والكعبة البيت الحرام قيل: سمي بذلك لأنه مرتفع عن السيل لأنه كان على ربوة في بطن الوادي. وقيل: لأنه مربع، والعرب تسمي البيت المربع مكعبًا ولذا قيل للغرفة كعبة، وتقدم الخلاف في الغاية هل تدخل أم لا؟ وعلى

الصفحة 30