كتاب شرح سنن النسائي المسمى شروق أنوار المنن الكبرى الإلهية بكشف أسرار السنن الصغرى النسائية (اسم الجزء: 1)
التفسير الذي ذكرناه، وهو أن "إلى" بمعنى "مع" فهي داخلة قطعًا، لاسيّما والسنة قد دلّت على ذلك، وسيأتي إن شاء الله تعالى.
وقوله: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا}: "إن" لها معان: الأول: أن تكون حرف شرط يفتقر إلى جواب وجزاء، ويجزم فعلين، وجوابها قوله "فتيمموا". الثاني: أن تكون نافية نحو: {إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ} وقد اجتمعت الشرطية والنافية في قوله تعالى: {وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ} الأولى: شرطية، والثانية: نافية. الثالث: المخففة من الثقيلة، كل واحدة منهما تدخل على الجملة الاسمية والفعلية، مع إهمال المخففة من الثقيلة، الرابع: أن تكون زائدة كقول النابغة:
ما إن أتيت بشيء أنت تكرهه ... إذن فلا رفعت سوطي إليَّ يدي
"والواو" في قوله: -وإن كنتم جنبًا- عاطفة على المقدر المحذوف عند الأكثرين كما تقدم أي: إذا قمتم إلى الصلاة محدثين فاغسلوا إلخ، وإن كنتم حال القيام جنبًا فاطّهروا إلخ، والعطف أحد معانيها، وهي تفيد التشريك في الحكم وما بعدها في الإعراب مثل ما قبلها، والمعطوف بها يكون سابقًا كما في قوله سبحانه: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ}، ولاحقًا كما في قوله عز من قائل: {إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} واجتمعا في قوله تعالى: {وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} الآية، ويكون مصاحبًا كما في قوله: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ} وقد بيّن ذلك ابن مالك -رحمه الله- بقوله:
فاعطف بواوٍ سابقًا أو لاحقًا ... في الحكم أو مصاحبًا موافقًا
وتكون للحال، وتكون للاستئناف، ويكون ما بعدها مرفوعًا نحو: جاء زيد والشمس طالعة، وقوله تعالى: {لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ} على قراءة الرفع، الأولى للحال، والثانية للاستئناف، وفي الحالتين يرفع ما بعدها، وتكون للمعية ولعطف الفعل على اسم خالص فينتصب ما بعدها في الحالتين، الأول: نحو سار الأمير والجيش، والثاني: نحو قوله:
ولبس عباءةٍ وتقر عيني ... أحب إليَّ من لبس الشفوف
والفعل بعدها منصوب بأن مضمرة، وتكون للقسم، وتكون واو ربّ، وفي كل منهما يجر ما بعدها، وذكر ابن هشام معاني أُخر هذا أهمها، وفي بعضها تعقب.
الصفحة 31
1920