كتاب شرح سنن النسائي المسمى شروق أنوار المنن الكبرى الإلهية بكشف أسرار السنن الصغرى النسائية (اسم الجزء: 1)

كما يجمع المرء على القوم، وقيل: إن النساء جمع نسوة، ونسوان فهو جمع الجمع، ونسوة جمع امرأة.
وقوله: {فَلَمْ تَجِدُوا} أي: طلبتم الماء، فلم تجدوا ماء، والفاء عاطفة، وفيها معنى الفاء الفصيحة؛ لأنها تدل على محذوف، و"لم" حرف وضع لنفي المضارع وجزمه، وقلبه في المعنى للمضي، كما في قوله تعالى: {لَمْ يَلِدْ}، وربما دخلت عليه فلم تجزمه إما ضرورة، وإما لغة كما في قول الشاعر:
لولا فوارس من ذهلٍ وإخوتهم ... يوم الصليفاء لم يوفون بالجار
وحكي النصب بها، قرأ بعضهم {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} و"تجدوا" من الوجود الذي هو ضد العدم، أي: تتحصلوا على ماء للتطهر به.
وقوله: {فَتَيَمَّمُوا} أي اقصدوا صعيدًا، من قولهم: تيمم الشيء، ويمَّمه: إذا قصد إليه، ومنه قول امرئ القيس:
ولما رأت أن الشريعة همها ... وأن البياض من فرائصها دامي
تيممت العين التي عند ضارج ... يفيء عليها الظل عرمضها طامي
وقول عامر بن مالك ملاعب الأسنة:
يممته الرمح صدرًا ثم قلت له ... هذي البسالة لا لعب الزحاليق
قال ابن السكيت: (تيمموا صعيدًا طيبًا، أي اقصدوا لصعيدٍ طيب، ثم كثر استعمالهم لهذه الكلمة حتى صار التيمم اسمًا علمًا لمسح الوجه، واليدين بالتراب) اهـ. والصعيد وجه الأرض، من: صعد، إذا ظهر، وعلا؛ لأن أصل الكلمة من الظهور، والعلو، ومنه قيل للأمر الشاق: صعدًا، وصعودًا. قال القرطبي: (صعيدًا طيبًا، الصعيد وجه الأرض كان عليه تراب أم لا، قاله الخليل وابن الأعرابي والزجاج. وقال الزجاج: لا أعلم فيه خلافًا بين أهل اللغة. قال تعالى: {وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا} -أي أرضًا غليظة لا تنبت شيئًا- وقال تعالى: {فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا}) اهـ. قلت: ومنه قول ذي الرمة يصف ولد الظبي ينزعج من نومه لا يدري أين يقصد، شبّهه بالسكران:
كأنه بالضحى ترمي الصعيد به ... دبابة في عظام الرأس خرطوم
والخرطوم من أسماء الخمر، قال الزجاج: (إنما سمي صعيدًا لأنه نهاية

الصفحة 37