كتاب شرح سنن النسائي المسمى شروق أنوار المنن الكبرى الإلهية بكشف أسرار السنن الصغرى النسائية (اسم الجزء: 2)

الوضوء لأنه لا معنى لذكر هذه الحالة إلا في الوضوء ويبين ذلك ما في حديث أسامة الآتي 119 ففيه التصريح بأن ذلك في الوضوء وقد اتفق علماء السنة على أنه جائز بل سنة بعد خلاف يسير كان في الصدر الأول سببه ما حصل من بعض الصحابة من توهم أن المسح منسوخ بالغسل ثم انعقد إجماعهم بعد ذلك عليه. وعلى أنه غير منسوخ ويأتي الكلام عليه إن شاء الله في بابه، ومحل الشاهد هنا أنه مسح على الخمار وهو العمامة كما تقدم، وفي الحديث دليل على ذلك واختلف العلماء في المسح على العمامة: فذهب الجمهور إلى أنه لا يجوز المسح عليها بلا ضرورة بدون شيء من الرأس بل لابد من بعض الرأس قدر الواجب عندهم مسحه على اختلافهم في ذلك وهو قول عروة بن الزبير والقاسم بن محمَّد والشعبي والنخعي وحماد بن أبي سليمان وإليه ذهب مالك والشافعي وأهل الرأي واحتجوا بأن الأحاديث في المسح على العمامة محتملة وبعضها ظاهره يدل على أنه مسح بعض الرأس وكمَّل عليها كما في رواية المغيرة الآتية وردوا روايات المسح من غير ذكر بعض الرأس إلى هذه التي فيها ذكر بعضه.
وأيضًا فإن الأحاديث في ذلك الفعل محتملة لأن يكون المسح كان لعلَّةٍ.
قلت: والمشهور من مذهب الجمهور مالك وغيره أن لا يمسح عليها إلا من علَّة كالجبيرة وهو قول أكثر الفقهاء الشافعي وأبي حنيفة وغيرهم، وذهب جماعة آخرون إلى جواز المسح مطلقًا أعني على أي صفة كانت العمامة وهو مروي عن الثوري والأوزاعي. ووافقهم أحمد ولكن بشرط أن تكون خارجة عن هيئة عمائم أهل الذمة وغيرهم من أهل الأديان غير المسلمين وذلك بأن تكون محنّكة أي بعضها تحت الحنك لأن هذه صفة عمائم العرب وهي التي كانت من شعار المسلمين وقد سمَّى عمر التي لم تحنك بالفاسقية وله في المسح عليها شروط أُخر، وإذا لم تكن محنّكة فلا يجوز المسح عليها عنده إلا إذا كانت لها عذبة ففيها روايتان عنه: الجواز، وعدمه.
وقد نسب ابن المنذر الجواز أي جواز المسح إلى أبي بكر وعمر وأنس وأبي الدرداء وأبي أمامه وسعد بن مالك -رضي الله عنهم- كما نسب للطبري وابن خزيمة وعمر بن عبد العزيز والحسن وقتادة ومكحول والأوزاعي وأبي ثور.

الصفحة 379