كتاب شرح سنن النسائي المسمى شروق أنوار المنن الكبرى الإلهية بكشف أسرار السنن الصغرى النسائية (اسم الجزء: 1)

ما يصعد من الأرض، وجمع الصعيد صعدات، اهـ ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ولخرجتم إلى الصعدات: تجأرون إلى الله بالبكاء" والصعدات: الطرق على وجه الأرض) اهـ. وقال الشافعي: (الصعيد التراب المنبت وهو الطيب قال تعالى: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ}). وسيأتي ما ينبني على هذا الخلاف في الصعيد من الأقوال في جواز التيمم بجميع الأرض أو بعضها، عند الكلام على الأحكام إن شاء الله. ومما يدل على أنه وجه الأرض على أي حال كان وأن الإنبات ليس شرطًا فيه تسميته - صلى الله عليه وسلم - للمدينة بطيبة، وطابة، وغالب أرضها سبخة، وحجارة سوداء فوصفها بالطيب يدل على أنها يتيمم بترابها، وقال ابن جرير -رحمه الله-: ({فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا} أي فإن لم تجدوا أيها المؤمنون إذا قمتم إلى الصلاة، وأنتم مرضى مقيمون، أو على سفر أصحاء، أو قد جاء أحد منكم من قضاء حاجته، أو جامع أهله في سفره: ماءً، {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} فتعمدوا، واقصدوا وجه الأرض طيبًا يعني طاهرًا نظيفًا غير قذر ولا نجس، جائزًا لكم حلالًا، فاضربوا بأيديكم الصعيد الذي تيممتموه وتعمدتموه؛ فامسحوا بوجوهكم، وأيديكم منه ما عَلِقَ بأيديكم منه أي: من الصعيد) اهـ.
أحكام الآية الكريمة:
هذه الآية الكريمة عظيمة الموقع في الدين، وهي من أعظم آيات الأحكام وأكثرها مسائل، وأهمها لاشتمالها على أحكام الطهارة، وهي شطر الإيمان كما في الحديث: "الطهور شطر الإيمان".
قال ابن العربي -رحمه الله-: (قال بعض العلماء: إن فيها ألف مسألة. قال: واجتمع أصحابنا بمدينة السلام فتتبعوها فبلّغوها ثمانمائة مسألة، ولم يقدروا أن يبلغوها الألف. قال: وهذا التتبع إنما يليق بمن يريد طرق استخراج العلوم من خبايا الزوايا). اهـ.
قال مؤلفه -عفا الله عنه-: وقد استوعبت هذه الآية الكريمة أركان الوضوء الأربعة المتفق عليها غسلًا، ومسحًا، وظاهرها العموم في القيام لكل صلاة فرضًا كانت، أو نفلًا، وسائر حالات المصلي، وسيأتي الكلام على ذلك كما أنها قد تضمنت النية عند بعضهم كما سنبينه، ومراعاة النظم القرآني فيها يقتضي وجوب الترتيب بين الأعضاء المذكورة لاسيما عند من يقول إن

الصفحة 38