كتاب شرح سنن النسائي المسمى شروق أنوار المنن الكبرى الإلهية بكشف أسرار السنن الصغرى النسائية (اسم الجزء: 1)

اللحية ليس تحته ما يجب غسله، فيكون غسل اللحية بدلًا منه والله أعلم.
تنبيه:
لو حلق شعره، أو شيئًا منه بعد الوضوء، أو الغسل لا يضر ذلك طهارته كما لو قص أظافيره، وروي عن ابن جرير الطبري: أنه يعيد الوضوء وسائر الفقهاء على خلافه في ذلك اهـ.
تنبيه آخر:
ومما ينخرط في معنى الآية الكريمة أن قوله: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} دل على مغسول به، وهو الماء الباقي على خلقته لأنَّهُ الأصل في التطهير، قال تعالى: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} وقال سبحانه: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} فهو أصل الطهور، ويدخل ماء البحر لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "هو الطهور ماؤه الحل ميتته" ولقوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} فشرط في إباحة التيمم عدم وجود الماء، دون غيره من سائر المائعات، فهو دليل على أنها غير صالحة للغسل المأمور بغسله للصلاة بها، خلافًا لمن أجاز الوضوء بالنبيذ كالإمام أبي حنيفة في نبيذ التمر، واحتج بحديث ابن مسعود، وهو من الأحاديث التي عرف عند أهل الحديث أنها غير ثابتة قال ابن قدامة: (راويه أبو زيد مجهول عند أهل الحديث لا يعرف له غير هذا الحديث ولا يعرف بصحبة عبد الله، قاله الترمذي وابن المنذر. وقد سئل ابن مسعود هل كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن فقال: "ما كان معه منا أحد"، رواه أبو داود. وروى مسلم بإسناده عن ابن مسعود: لم أكن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن، ووددت أني كنت معه) اهـ. وقد روى عن علي القول بذلك، ولا يثبت عنه، وروي أيضًا عن الحسن، وعكرمة، والأوزاعي، ومثله عن إسحاق، ولا يثبت شيء من ذلك. والعجب من أبي بكر أحمد بن علي الرازي الحنفي الجصاص في أحكامه -رحمه الله- فإنه قال: (إن الآية دلت على جواز الوضوء بالنبيذ لعدم تعيين المغسول به) فسبحان من حبب إلى كل إنسان ما يميل إليه من الأقوال، وإلا فبأي وجه يقول هذا، وهو مردود بأنه إذا احتملت الآية جواز الوضوء بالنبيذ لا يكون ذلك إلا بعد تسليم احتمالها للوضوء بكل مائع طاهر كاللبن، والخل، والعسل المحلول، وعصير الليمون، والبرتقال، والتفاح، وغير ذلك من كل مائع طاهر؛ إذ لا فرق

الصفحة 47