كتاب شرح سنن النسائي المسمى شروق أنوار المنن الكبرى الإلهية بكشف أسرار السنن الصغرى النسائية (اسم الجزء: 1)

إذا حَسُنَت النية حملتني على الاقتحام، وجرأتني على رفض التواني والإِحجام، فشمرت عن ساق الجد، واستعنت باللهِ فإنه خير معين وممد.
وقلَّ من جدَّ في أمر يحاوله ... فاستعمل الصبر إلا فاز بالظفر
وإن لم أكن أرى نفسي أهلًا لما هنالك، ولا من فرسان ميادين تلك المسالك، فلا يمنعني ذلك من أن أجود بقلِّي وموجودي، وبعد ذلك لا أُلَام فإن خير الصدقة جهد المقل كما قال -عليه السلام-، ورحم الله القائل:
أسير وراء الركب ذا عرج ... مؤملًا جبر ما لاقيت من عرج
فإن لحقت بهم من بعد ما سبقوا ... فكم لرب الورى في الناس من فرج
وإن ضللت بِقَفْرِ الأرض منقطعًا ... فما على أعرج في ذاك من حرج
واْعوذ بالله من طعن الحاسدين، وأهل الأهواء المغرضين، الذين استمرأوا الوقيعة في أعراض المسلمين، وخاصة أهل العلم والدين، وكأنهم لمحاسن أهل الفضل أعداء وعنها من المتصاممين، ولم يسمعوا ما قال بعض من عُني بنصيحتهم ونصيحة أمثالهم ممن هم للعورات متتبعون:
فالناس لم يصنفوا في العلم ... لكي يصيروا هدفًا للذم
ما صنفوا إلا رجاء الأجر ... والدعوات وجميل الذكر
فهذا زمان غلب فيه الجهل وعم، وطغى على أهله بحر الفتن والفساد وطم، وكثر فيه النكير على أهل الخير ممن تورط في ظلمات الزيغ وارتطم، فالفضيلة بين أهله مغموطة مستورة، والعثرة ولو بسوء الظن علانية مشهورة، وقد سبق فيهم قول القائل:
إن يعلموا الخير أخفوه وإن علموا ... شرًا أذاعوا وإن لم يعلموا كذبوا
وقول الآخر:
إن يسمعوا سُبَّةً طاروا بها فرحا ... عني وما سمعوا من صالح دفنوا
صُمّ إذا سمعوا خيرًا ذكرت به ... وإن ذكرت بسوء عندهم أذنوا
ومع هذا فالدعاوى الباطلة فيهم فاشية، وأقوال أهل الحق والمعرفة عندهم لاغية، فلذلك تقدمت فيهم الأنذال، وتأخر أهل الفضل والكمال، فهم كما قال من يصف مثل ما نحن فيه في الحال:

الصفحة 7