كتاب شرح سنن النسائي المسمى شروق أنوار المنن الكبرى الإلهية بكشف أسرار السنن الصغرى النسائية (اسم الجزء: 1)

أرى زمنًا نَوْكَاه أسعدَ أهله ... ولكنّما يشقى به كل عاقل
مشى فوقه رجلاه والرأس تحته ... فكبَّ الأعالي بارتفاع الأسافل
وقد اتضح فيه مصداق قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "شحًا مطاعًا، وهوى متبعًا، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه". ومع ذلك فأهل الحق لا تؤثر عليهم عوارض الأحوال، ولا يصدهم عن اتباعه كثرة الزعازع والأهوال، وواجب النصح عليهم فرض باق لا يزال، والنشء محتاجون إلى الخير على أيدي الكبار، وإلا فمن أين يعرفون السبيل المستقيم والطريق القويم، ولقد أحسن القاضي عبد الوهاب بن نصر المالكي إذ يقول:
متى تصل العطاش إلى ارتواءٍ ... إذا استقت البحار من الركايا
ومن يثني الأصاغر عن مراد ... إذا جلس الأكابر في الزوايا
وإن تَرَفُّعَ الوضعاء يومًا ... على الرفعاء من إحدى الرَّزايا
إذا استوت الأسافل والأعالي ... فقد طابت منادمة المنايا
والتوجع من هذه الأحوال في الناس قديم، والأمر فيه على مر الأيام مستديم.
والمقصود أن الفقير إليه تعالى قد شرع في شرح الكتاب المذكور على طريقة هذا بيانها:
أولًا: البدء بالآية التي ابتدأ بها المصنف وهي آية الوضوء وشرحها شرحًا وافيًا، ثم شرح الأحاديث على ترتيب المؤلف بصورة كالآتي:
وهي أنني أبدأ بالرجال فأترجم لكل واحد منهم، وأذكر بعض رواته ومشايخه، وأعتمد في ذلك على كتاب "تهذيب التهذيب"؛ لكن لا أتقيد بلفظه، ولا أستوفي كلامه، ولا أخرج عنه؛ إلا في النادر، واكتفيت بالتنبيه على هذا في المقدمة من العزوِ لَهُ في كل ترجمة، ثم بعد ذكر تراجم الرجال أذكر من أخرج الحديث غير المصنف، وأكتفي في العزو بأصل الحديث، ولا أعتني ببيان الاختلاف في الألفاظ في الغالب، إلا عند الحاجة، وتوقف الفائدة على ذلك كالزيادة المفيدة، أو النقصان في المتن، وكذا الاختلاف في إسناد الحديث بأن يكون من طريق واحد، أو طرق متعددة، إنما أعتني بذلك عند الحاجة إليه، ثم أتكلم على لغته، وإعرابه، ومعناه بعنوان لكل ذلك، ثم على

الصفحة 8