كتاب شرح سنن النسائي المسمى شروق أنوار المنن الكبرى الإلهية بكشف أسرار السنن الصغرى النسائية (اسم الجزء: 4)

• اللغة والإعراب والمعنى
قوله: "فرض الصلاة" الفرض في اللغة: القطع والواجب لأنه مقطوع بلزومه وتعيين الحق وتحديده، ومنه قوله تعالى {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} أي: عيّنها لك، وقوله {أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} أي: تعيّنوا لهن الصداق لأنه يجب ما تعيّن منه وحدد، وفريضة الزكاة: الواجب في المال أو هو النصاب وكل منهما يسمى فريضة، قال الشاعر:
كانت فريضة ما تقول كما ... كان الزناء فريضة الرجم
أي: الموجب له. وفرضه يفرضه فرضًا وفرَّضه للتكثير: أوجبه وعيّنه، وفرائض الله: حدود شرعه ومعالم دينه الذي أوجب على عباده العمل به، والفرائض: الحقوق الواجبة في الميراث لأنها لازمة متعينة لأهلها، وفرضة النهر: المشرب منه، وجمعه فرض وفرائض، والمشرعة أيضًا وفراض فيهما.
قال لبيد:
تجري خزائنه على من نابه ... جري الفرات على فراض الجدول
وفرضة البحر: محط السفن، وقوله تعالى: {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا} بالتخفيف والتشديد: أوجبنا العمل بما فيها أو بيّنا فيها الفرائض الواجبة. والفرض والواجب عند الجمهور مترادفان بمعنى، وعند أبي حنيفة -رحمه الله- الفرض آكد من الواجب. قال ابن عرفة: التوقيت في الواجب يعني التحديد والتعيين، وفرض الصلاة يجوز أن يكون إلزام العباد بها وبيان حكم ذلك لهم، فتكون أل في الصلاة للجنس، وهذا بناء على أنها لم تكن فرضت قبل ذلك، ويحتمل أن يكون المراد به بيان مقدار المفروض منها على التحديد، وهو الأظهر لأن الأدلة ثبتت بمشروعية الصلاة وفعلها قبل ليلة الإسراء، وإنما الذي خص ليلة الإسراء تحديد الصلوات الخمس في الأوقات المخصوصة، وأما قبل ذلك فلم يتعين ما كان عليه الأمر كما سيأتي في الباب الثاني إن شاء الله في شرح حديث عائشة -رضي الله عنها-، وهذا هو ظاهر القرآن في الأمر بها في أول البعثة، وفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لها في أول البعثة، فيكون معنى فرض الصلاة: بيان المفروض منها المحتم فعله على العباد، فـ (أل) في الصلاة على هذا تكون للعهد الذهني أي: قدر الصلاة التي فرضت عليكم. وفرض: مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف،

الصفحة 964