كتاب شرح سنن النسائي المسمى شروق أنوار المنن الكبرى الإلهية بكشف أسرار السنن الصغرى النسائية (اسم الجزء: 4)

أي: للوصل، فهو في هذين البيتين بمعنى القرب، واستعماله في البعد والإفتراق هو الأكثر، ومنه قول الآخر:
لما دنا البين بين الحي واقتسموا ... حبل النوى في أيديهم قطع
جادت بأدمعها ليلى وأعجلني ... وشك الفراق فما أبكى وما أدع
وقول جرير:
نعب الغراب فقلت بينٌ عاجل ... ما شئت إذ ظعنوا لبين فانعب
ومنه قول كثير:
فأما آل عزة غدوة فبانوا ... وأما واسط فمقيم
وقد جمع بين المعنيين القائل:
وكنا على بين فجمَّع شملنا ... فأعقبه البين الذي شتت الشملا
فيا عجبا ضران واللفظ واحد ... فلله لفظ ما أمر وما أحلى
قلت: استعمله جرير في الناحية في قوله:
غدت هوج الرياح مبشرات ... إلى بين نزلت به السحابا
فالبين: الناحية والمكان، وبينا وبينما ظرفان بمعنى المفاجأة، ويضافان إلى جملة من فعل وفاعل أو مبتدأ وخبر، ويحتاجان إلى جواب يتم به المعنى، والأفصح في جوابهما أن لا يقترن بإذ ولا بإذا، كما في قول الشاعر:
فبينا الفتى في ظل نعماء غضة ... تباكره أفياؤها وتراوح
إلى أن رمته الحادثات بنكبة ... تضيق بها منه الرحاب الفسائح
وقول الشاعر:
بينا تعنقه الكماة وروغه ... يوما أتيح له جرئ سلفح
ومجيء إذ وإذا في جوابهما كثير، قالت حرقة بنت النعمان:
بينا نسوس الناس والأمر أمرنا ... إذا نحن فيهم سوقة نتنصف
ومن زعم أن إذ لا تأتي إلا مع جواب بينما، يردّه قول حميد بن الأرقط - وقيل: هو لجند الطهوي:
بينا الفتى يخبط في غيساته ... أنوك في نوكاء من نوكاته
إذ انتحى الدهر إلى عفراته ... فاجتاحها بشفرتي مبراته

الصفحة 966