كتاب شرح سنن النسائي المسمى شروق أنوار المنن الكبرى الإلهية بكشف أسرار السنن الصغرى النسائية (اسم الجزء: 4)

ويروى:
بينا الفتى يخبط في غيساته ... تقلب الحية في قلاته
إذ أصعد الدهر إلى عفراته ... فاجتاحها بشفرتي مبراته
والغيسان: شرح الشباب، والعفرات: شعر وسط الرأس. وقال الراغب: (بين) لفظ موضع للخلالة بين الشيئين ووسطهما. فقوله -عليه السلام- (بينا أنا عند البيت) أضاف (بين) إلى الجملة الإسمية قدر محذوفها، أي بين أوقات كذا، وتضاف إلى المفرد بشرط عطف غيره عليه بالواو خاصة دون غيرها، وهنا أضيفت إلى الجملة الإسمية وهي قوله (أنا عند البيت)، فالتقدير على هذا: بين أوقات أنا عند البيت، وعلى قول عياض -رحمه الله- التقدير: بينا أنا متصل بكوني عند البيت: وقوله: (بين النائم واليقظان) أي: بين حالة النائم واليقظان، والظرف هنا متعلق بمحذوف حال، وهذه صفة نومه - صلى الله عليه وسلم - فإنه تنام عينه ولا ينام قلبه، وتقدم الكلام على النوم واليقظة في شرح حديث أبي هريرة أول حديث من كتاب السنن (إذا استيقظ أحدكم. . . الحديث). وفي رواية للبخاري: بينما في الحجر، وفي رواية له من حديث أبي ذر: في الحطيم، وربما قال: في الحجر، وهو شك من قتادة الراوي عن أنس، وبينت ذلك رواية أحمد عن عفان عن همام بلفظ: "بينا أنا نائم في الحطيم -وربما قال قتادة-: في الحجر"، ورجح ابن حجر -رحمه الله- أن المراد بالحطيم هنا: الحجر، وذلك أن الحطيم مختلف فيه بين أن يكون الحجر أو ما بين الركن والمطاف أو بين زمزم والحجر، أو بين الباب وزمزم، فترجيح كونه الحجر هاهنا من أجل أنه يجمع بين هذه الروايات لأن القصة واحدة على الصحيح، ومخرج الحديث هنا واحد أيضًا لأنه حديث أنس، والفرض بيان المحل الذي حصل فيه ما ذكر، فلا يتجه تخريجه على التعدد مادام المخرج واحدًا، ورواية الزهري عن أنس: فرج سقف بيتي وأنا بمكة.
وروى الواقدي بإسناده أنه أسري به من شعب أبي طالب، وأخرج الطبراني من حديث عبد الأعلي بن أبي مساور عن عكرمة عن أم هانئ قالت: بات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة أسري به في بيتي، ففقدته من الليل فامتنع مني النوم مخافة أن يكون عرض له بعض قريش، فقال: إن جبريل أتاني وأخرجني .. وذكر الحديث.

الصفحة 967