كتاب أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 3)

صوته. وكان يأمر المقتدين بالتأمين بُعَيْدَ تأمين الإمام؛ فيقول: " إذا قال الإمام: {غَيْرِ
المَغْضُوبِ عَلْيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} ؛ فقولوا: آمين؛ [فإن الملائكة تقول: آمين. وإن الإمام
يقول: آمين] ، (وفي لفظ: إذا أمَّن الإمام؛ فأمِّنوا) ؛ فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة،
(وفي لفظ آخر: إذا قال أحدكم في الصلاة: آمين. والملائكةُ في السماء: آمين. فوافق
أحدهما الآخر) ؛ غفر له ما تقدم من ذنبه ". وفي حديث آخر: " فقولوا: آمين؛ يُجِبْكُم
الله ". وكان يقول: " ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السلام والتأمين
[خلف الإمام] ". (ص 373 - 390) .
قراءتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعدَ {الفَاتِحَة}
ثم كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ بعد {الفاتحه} سورة غيرها. وكان يطيلها أحياناً، ويقصرها أحياناً
لعارض سفر، أو سعال، أو مرض، أو بكاء صبي تصلي أمُّه معه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ كما قال أنس بن
مالك رضي الله عنه: " جوَّز صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات يوم في الفجر (وفي حديث آخر: صلى الصبح،
فقرأ بأقصر سورتين في القرآن) ، فقيل: يا رسول الله! لم جوَّزت؟ قال: " سمعت بكاء
صبي، فظننت أن أمه معنا تصلي؛ فأردت أن أفرغ له أمه " ". وكان يقول: " إني لأدخل
في الصلاة وأنا أريد إطالتها، فأسمع بكاء الصبي، فأتجوّز في صلاتي؛ مما أعلم من شدة
وَجْدِ أمه من بكائه ".
وكان يبتدئ من أول السورة، ويكملها في أغلب أحواله. ويقول: " أعطوا كل سورة
حَظَّها من الركوع والسجود (وفي لفظ: " لكل سورة ركعة ") ".
وكان تارة يقسمها في ركعتين. وتارة يعيدها كلها في الركعة الثانية.
وكان أحياناً يجمع في الركعة الواحدة بين السورتين أو أكثر. وقد " كان رجل من
الأنصار يؤمهم في مسجد قُباء، وكان كلما افتتح سورة يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ
به؛ افتتح بـ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} حتى يفرغ منها، ثم يقرأ سورة أخرى معها؛ وكان
يصنع ذلك في كل ركعة. فكلمه أصحابه؛ فقالوا: إنك تفتتح بهذه السورة، ثم لا ترى
أنها تجزئك حتى تقرأ بأخرى؛ فإما أن تقرأ بها، وإما أن تدعها، وتقرأ بأخرى. فقال: ما
أنا بتاركها، إن أحببتم أن أؤمكم بذلك؛ فعلت، وإن كرهتم؛ تركتكم. وكانوا يرون أنه
من أفضلهم، وكرهوا أن يؤمهم غيره. فلما أتاهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أخبروه الخبر؛ فقال: " يا

الصفحة 1056