كتاب أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 2)
وكان يقول:
" الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة، والمُسِرُّ بالقرآن كالمُسِرِّ
بالصدقة (1) " (2) .
__________
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ربما أسر في قراءته، وربما جهر. فقال الراوي له عن عائشة: الحمد لله
الذي جعل في الأمر سَعَةً. فيقرأ كل أحد بما قدر عليه من نشاطه وكسله، وبما سلم من
إخلاصه، أو خوفه الرياءَ والتصنعَ على نفسه ".
(1) وقد قال تعالى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الفُقَرَاءَ
فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ} . قال الترمذي:
" ومعنى هذا الحديث: إن الذي يُسِرُّ بقراءة القرآن أفضل من الذي يجهر بها؛ لأن
صدقة السر أفضل عند أهل العلم من صدقة العلانية. وإنما معنى هذا عند أهل العلم:
لكي يأمن الرجلُ من العُجب؛ لأن الذي يُسِرّ العمل لا يخاف عليه العُجب ما يُخاف
عليه من علانيته ". قال السندي:
" لكن الذي يقتضيه أمره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأبي بكر: " ارفع من صوتك ": أن الاعتدال في
القراءة أفضل؛ فإما أن يحمل الجهر في الحديث على المبالغة، والسر على الاعتدال. أو
على أن هذا الحديث محمول على ما إذا كان الحال يقتضي السر، وإلا؛ فالاعتدال في
ذاته أفضل ".
قلت: والاحتمال الثاني أظهر. والله أعلم.
(2) أخرجه البخاري في " أفعال العباد " (94) ، وأبو داود (1/209) ، والنسائي
(1/357) ، والترمذي (2/151 - طبع بولاق) ، وابن نصر (53) ، والحاكم (1/554 -
555) ، وأحمد (4/151 و 158) عن بَحِير بن سعد عن خالد بن مَعْدَان عن كثير بن
مُرّة الحضرمي عن عقبة بن عامر مرفوعاً به. وقال الترمذي: