كتاب أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 2)
..............................................................................
__________
وقد أجمعوا على أن قول الصحابي: (سنة) : حديثٌ مُسْنَدٌ. وفيه أمران:
الأول: أنه ليس على شرط مسلم؛ لأن ابن عجلان ما أخرج له مسلم؛ إلا في
الشواهد - كما قال الحاكم نفسه -.
والآخر: أن الإجماع الذي حكاه ليس بصحيح؛ لأن الخلاف عند أهل الحديث
وعند الأصوليين شهير - كما قال الحافظ (3/159) -، وإن كان الأصح أنه مسند مرفوع؛
لأن الظاهر أنه لا يريد به إلا سنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وما يجب اتباعه - كما في " مقدمة
ابن الصلاح " (53) -. وقال الشافعي في " الأم " (1/240) :
" وأصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يقولون: (السنة) إلا لسنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن شاء الله
تعالى ".
وعلى هذا جرينا في كتابنا هذا. وقال النووي في " المجموع " (5/232) :
" إنه المذهب الصحيح الذي قاله جمهور العلماء من أصحابنا في الأصول، وغيرهم
من الأصوليين والمحدثين ".
هذا، وفي القراءة على الجنائز بـ: {فاتحة الكتاب} أحاديث كثيرة سوى هذا
الحديث، وقد ساقها في (التعليق) على " نصب الراية " (2/270) ، وهي عن سبعة من
الصحابة رضي الله عنهم، وذكر بعضها الشوكاني في " النيل " (4/52) ، وأسانيدها
لا تخلو من ضعف، لكن بعضها يقوي بعضاً. ومنه نعلم أن قول ابن الهمام (1/459) :
" ولم تثبت القراءة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". ليس بصواب. ويأتي ما يخالفه من بعض
علمائنا، وهي تدل على أن السنة قراءة {الفَاتِحَة} في الجنازة. قال الترمذي:
" والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وغيرهم؛ يختارون
أن يقرأ بـ: {فاتحة الكتاب} بعد التكبيرة الأولى، وهو قول الشافعي، وأحمد،