كتاب أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 2)
" اعتدلوا في السجود (1) ، ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط (وفي
لفظ: كما يبسط) الكلب " (2) . وفي لفظ آخر وحديث آخر:
__________
(1) قال القاضي أبو بكر بن العربي في " عارضة الأحوذي " (2/75 - 76) :
" أراد به كون السجود عدلاً باستواء الاعتماد على الرجلين، والركبتين، واليدين،
والوجه، ولا يأخذ عضو من الاعتدال أكثر من الآخر. وبهذا يكون ممتثلاً لقوله: " أمرت
بالسجود على سبعة أعظم ". وإذا فرش ذراعيه فَرْشَ الكلب؛ كان الاعتماد عليهما دون
الوجه؛ فيسقط فرض الوجه ". انتهى.
قلت: وهذا المعنى قد جاء منصوصاً عليه في حديث ابن عمر الآتي في الأصل:
" فإنك إذا فعلت ذلك؛ سجد كل عضو منك معك ".
وقد ذكر نحوه ابن دقيق العيد فقال:
" لعل المراد بالاعتدال هنا: وضع هيئة السجود على وفق الأمر؛ لأن الاعتدال
الحسي المطلوب في الركوع لا يتأتى هنا؛ فإنه هناك استواء الظهر، والعنق، والمطلوب هنا
ارتفاع الأسافل على الأعالي. قال: وقد ذكر الحكم هنا مقروناً بعلته؛ فإن التشبه
بالأشياء الخسيسة يناسب تركه في الصلاة ". انتهى.
والهيئة المنهي عنها أيضاً مشعرة بالتهاون وقلة الاعتناء بالصلاة. اهـ. من " فتح
الباري " (2/240) . وقد قال الترمذي - بعد أن ساق الحديث -:
" والعمل عليه عند أهل العلم؛ يختارون الاعتدال في السجود، ويكرهون الافتراش
كافتراش السبُع ".
(2) هو من حديث أنس رضي الله عنه.
أخرجه البخاري (2/240) ، ومسلم (2/53) ، وأبو داود (1/143) ، والنسائي
(1/167) ، والدارمي (1/303) ، والطيالسي (266) ، وعنه الترمذي (2/66) وصححه،