كتاب أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 3)
وفي لفظ: " قولوا في كل جلسة: التحيات ... " (1) . وأمر به (المسيء
صلاته) أيضاً - كما تقدم آنفاً -.
__________
(1) أخرجه النسائي (1/174) من طريق زيد ابن أبي أُنيسة الجَزَري: أن أبا
إسحاق حدثه عن الأسود وعلقمة عن عبد الله بن مسعود قال:
كنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا نعلم شيئاً، فقال لنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ... فذكره.
وسنده صحيح أيضاً على شرط مسلم.
وقد استدل بالحديث من ذهب إلى وجوب التشهد الأول - وقد سبق ذكرهم قريباً -.
وممن ذهب إلى ذلك ابن حزم في " المحلى " (3/270) . ورواه النووي في " شرح
مسلم " عن فقهاء أصحاب الحديث؛ وذلك لأن الأصل في الأمر الوجوب، ولم يأتِ ما
يصلح أن يكون صارفاً له عن الوجوب. وقول النووي:
" إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يعلِّمه الأعرابيَّ حين علمه فروض الصلاة ".
ذهول منه؛ فإنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علَّمه ذلك - كما في بعض الروايات في " سنن أبي داود " -.
وقد سبق بلفظ:
" فإذا جلست في وسط الصلاة؛ فاطمئن، وافترش فخذك اليسرى، ثم تشهد ".
والعجب من النووي كيف يجعل عدم ذكر هذا التشهد في حديث (المسيء) - بزعمه
- صارفاً للأمر به عن الوجوب، ثم لا يجعل عدم ذكر التشهد الأخير فيه صارفاً عن
الوجوب! بل يصرح في " المجموع " (3/462) بأن هذا فرض لا تصح الصلاة إلا به،
ويجيب عن حديث (المسيء) بقوله:
" قال أصحابنا: إنما لم يذكره له؛ لأنه كان معلوماً عنده ".
وهذه الحجة يستطيع كل أحد أن يقولها في كل ما هو واجب لم يأت ذكره في
حديث (المسيء) . قال الشوكاني (2/228) :