كتاب أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 3)
..............................................................................
__________
...........................................
__________
= ففيها ردٌّ لشغب الغماري ومرواغته - لو كان فيه بقية من إنصاف واعتراف بالحق -.
ومما ذكرنا يتبين للقراء تدليس آخر للشيخ الغماري؛ إذ لا علاقة لكلام النووي بما نحن فيه؛ لأن
النووي رحمه الله - على ما في كلامه من الخطأ - لم يكن في صدد ترجيح لفظ: " السلام عليك " في
(التشهد) على لفظ: " السلام على النبي "، كما يلبّس الغماري على قرائه؛ وإنما هو في صدد ترجيح
تشهد ابن عباس على تشهد ابن مسعود.
والأمر عندي في هذا واسع، فبأي صيغة من الصيغ الثابتة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تشهد المصلي؛ فقد
أصاب السنة، وإن كان تشهدُ ابن مسعود أصحَّ روايةً باتفاق العلماء؛ لاتفاق الرواة له على روايته بلفظ
واحد دون زيادة حرف أو نقص، ومن ذلك تفصيله رضي الله عنه بين ما كان الصحابة يقولونه في
حال حياته في السلام عليه بلفظ الخطاب، وما كانها يقولونه بعد وفاته بلفظ الغيبة؛ بتوقيف
منه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ ولذلك كانت السيدة عائشة تعلمهم التشهد بلفظ الغيبة - كما تقدم -.
وهذه المسألة ونحوها مما لا يمكن معرفة الصواب فيها إلا بالرجوع إلى ما كان عليه السلف
الصالح، وبخاصة أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منهم؛ نُلِحُّ دائماً في دروسنا ومحاضراتنا أنه لا يكفي إذا دعَونا
الناس إلى العمل بالكتاب والسنة أن نقتصر على هذا فقط في الدعوة؛ بل لا بد من أن نضم إلى ذلك
جملة: (على منهج السلف الصالح) أو نحوها؛ لقيام الأدلة الشرعية على ذلك، وهي مذكورة في غير
هذا الموضع.
لا بد من ذلك، وخصوصاً في هذا العصر، حيث صارت الدعوة إلى الكتاب والسنة (موضة)
العصر الحاضر، ودعوة كل الجماعات الإسلامية، والدعاة الإسلاميين - على ما بينهم من اختلافات
أساسية أو فرعية -، وقد يكون فيهم من هو من أعداء السنة عملياً، ومن يزعم أن الدعوة إليها يفرق
الصف! عياذاً بالله منهم.
أسأل الله تعالى أن يحيينا على السنة، وأن يميتنا عليها؛ متبعين لمن أثنى الله تبارك وتعالى عليهم
بقوله: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا
عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ} .
وأن يجعلنا ممن قال فيهم: {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ
سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} .