كتاب تحرير السلوك في تدبير الملوك

وَإِن أنكر الْمُدَّعِي عَلَيْهِ الْخط فَمن ولاه النّظر (78 أ) فِي الْمَظَالِم من يختبر الْخط بخطوطه الَّتِي كتبهَا ويكلفه من كَثْرَة الْكِتَابَة مَا يمنعهُ من التصنع فِيمَا وَيجمع بَين الخطين فان لم يتغايرا وتشابها حكم بِهِ عَلَيْهِ عملا بقول من يَجْعَل الِاعْتِرَاف بالخط مُوجبا للْحكم عَلَيْهِ وَالَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ مِنْهُم أَن يفعل (78 ب) ذَلِك لَا يكون للْحكم بل لتوجه الإرهاب إِلَيْهِ وَتَكون الشُّبْهَة مَعَ إِنْكَاره لِلْخَطِّ أَضْعَف مِنْهَا مَعَ اعْتِرَاف بِهِ وترتفع إِن كَانَ الْخط متباين الأوضاع ويرهب الْمُدَّعِي عِنْد تبَاين الْخط ثمَّ يرد وَالْمُدَّعِي عَلَيْهِ إِلَى الوساطة فَإِن أفضت (79 أ) إِلَى الصُّلْح ثمَّ الْمَقْصُود ولأبت القَاضِي الحكم بَينهمَا بِمَا يَقْتَضِيهِ الشَّرْع وَقطع النزاع
وَالسَّادِس من مقويات الدَّعْوَى إِظْهَار الْحساب بِمَا تضمنته الدَّعْوَى وَهَذَا يكون فِي الْمُعَامَلَات بِلَا ارتياب فَإِن كَانَ الْحساب الْمُدَّعِي فالشبهة فِيهِ أَضْعَف (79 ب) وَنظر الْمَظَالِم فِيهِ أَن يرْعَى نظم الْحساب وَإِن كَانَ مختلا يحْتَمل فِيهِ الإدخال فَذَلِك لضعف الدَّعْوَى أشبه مِنْهُ بقوتها عِنْد الِاعْتِبَار وَإِن كَانَ نظمه صَحِيحا منسقا فالثقة بِهِ أقوى فَيَقْتَضِي من الإرهاب بِحَسب شواهده ثمَّ يردان إِلَى الوساطة (80 أ) ثمَّ يَلِي الحكم الثَّابِت بِمُقْتَضى الشَّرِيعَة الشَّرِيفَة الْمِقْدَار
وَإِن كَانَ الْحساب للْمُدَّعِي عَلَيْهِ كَانَت الدَّعْوَى بِهِ أقوى ثمَّ ذَلِك الْحساب إِن كَانَ مَنْسُوبا إِلَى خطّ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ فالناظر الْمَظَالِم فِيهِ أَن يسْأَل من الْمُدَّعِي عَلَيْهِ أهوَ خطك ليحيط علما بِمَا بيدَيْهِ (80 ب) فَإِن اعْترف بِهِ يَقُول لَهُ أتعلم مَا فِيهِ فَإِن أقرّ بمعرفته يَقُول لَهُ أتعلم مَا فِيهِ فَإِن أقرّ يَقُول لَهُ أتعلم صِحَّته فَإِن أقرّ بِصِحَّتِهِ صَار بِهَذِهِ الثَّلَاثَة مقرا بمضمون الْحساب فَيُؤْخَذ بِمَا فِيهِ
وَإِن لم يعْتَرف بِصِحَّتِهِ فَمن حكم بالخط من وُلَاة النّظر فِي الْمَظَالِم يحكم عَلَيْهِ (81 أ) بِمُوجب حسابه وَإِن لم يعْتَرف بِصِحَّتِهِ فَالَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ مِنْهُم وَهُوَ قَول الْفُقَهَاء أَنه لَا يحكم عَلَيْهِ بِالْحِسَابِ الَّذِي اعْترف بِصِحَّة مَا فِيهِ لَكِن يقتضى من فضل الإرهاب بِهِ أَكثر مِمَّا اقْتَضَاهُ الْخط الْمُرْسل من زواجر رهبته

الصفحة 51