كتاب تحرير السلوك في تدبير الملوك

وَلم يتَرَجَّح أَحدهَا بأمارة وَلَا ظن فَيَنْبَغِي أَن يساوى بَينهمَا فِي العظة وَهَذَا مِمَّا يتَعَلَّق عَلَيْهِ الْقُضَاة وولاة (98 ب) أُمُور النّظر فِي الْمَظَالِم ثمَّ يخْتَص وُلَاة أُمُور النّظر فِي الْمَظَالِم بعد العظة بالإرهاب لَهما مَعًا لتساويهما بالكشف مَا يعرف بِهِ المحق مِنْهُمَا عَمَّا عَلَيْهِ الْمُبْطل الآثم فَإِن لم يظْهر بالكف عَن أصل الدَّعْوَى وانتقال الْملك فن ظهر بالكشف مَا يفضل بِهِ تنازعهما (99 أ) ردهما إِلَى وساطة وُجُوه الْخَيْر وأكابر العشائر فَإِن فضلوا مَا بَينهمَا ثمَّ الْمَقْصُود وَإِلَّا كَانَ فصل الْقُضَاة بَينهمَا هُوَ خَاتِمَة أَمرهمَا بِحَسب مَا يرَاهُ الْمُبَاشر لبت الحكم والاستنابة فِيهِ للأكابر انْتهى الْكَلَام على الوساطة
فلنشرع (99 ب) فِي الْكَلَام على الخاتمة الَّتِي هِيَ لإتمام الْكَلَام رابطة فَنَقُول وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق وَالْهِدَايَة
أعلم أَن الجرائم مَحْظُورَات شَرْعِيَّة زجر الله تَعَالَى عَنْهَا بِحَدّ أَو تَعْزِير وَأَن للنَّاظِر فِي الْمَظَالِم فِيهَا من الْأَعْمَال مَا لَيْسَ لمفاحيل الْقُضَاة الْمَشَاهِير لَيْسَ (100 أ) لَهُم أَن يحسبوا المتهوم بِسَرِقَة أَو زنا للكشف والاستبراء اختبارا وَلَا أَن يأخذوه بِأَسْبَاب الْإِقْرَار أَخْبَارًا وَلَا أَن يسمعوا الدَّعْوَى على الْمُتَّهم بِالسَّرقَةِ مِمَّن لَيْسَ خصما مُسْتَحقّا لِلْمَالِ الْمَسْرُوق قطعا وَلَا على الْمُتَّهم بِالزِّنَا إِلَّا أَن يذكر الْمُدعى الْمَرْأَة الَّتِي زنا (100 ب) بهَا ويصفها بِمَا يكون - زنا - مُوجبا للحد شرعا فَإِن أقرّ المتهوم بعد شَرَائِط سَماع الدَّعْوَى أَخَذُوهُ بِمُوجب إِقْرَاره وَإِن أنكر وَكَانَت بَيِّنَة سمعوها عَلَيْهِ بعد إِنْكَاره وَإِن لم تكن بَيِّنَة أحلفوه فِي حُقُوق الْعباد كالسرقة وَالْقَذْف وَنَحْوهمَا لَا فِي حُقُوق (101 أ) الله تَعَالَى كَالزِّنَا وَالْخمر وحد الْمُحَاربَة وغن كَانَ للنَّاظِر فِي الْمَظَالِم الَّذِي يرفع إِلَيْهِ هَذَا المتهوم أَمِيرا أَو من أَوْلَاد الْأَحْدَاث والمعاون كَانَ لَهُ مَعَ هَذَا المتهوم من أَسبَاب الْكَشْف والاستبراء مَا لَيْسَ للقضاة والحكام وَذَلِكَ من تِسْعَة أوجه يخْتَلف بهَا حكم الناظرين
(101 ب) الأول أَنه لَا يجوز للنَّاظِر فِي الْمَظَالِم أَن يسمع الْمَظْلُوم من أعوان الأمارة من غير تَحْقِيق الدَّعْوَى المقررة وَيرجع إِلَى قَوْلهم فِي الْأَخْبَار عَن حَال الْمَظْلُوم

الصفحة 57