كتاب تحرير السلوك في تدبير الملوك

هُوَ من أهل الريب أَو مَعْرُوف بِمثل مَا قذف بِهِ لِذَوي الْخَواص أَو الْعُمُوم فَإِن يردهُ من ذَلِك خفت التُّهْمَة وضعفت فَيجْعَل إِطْلَاقه وَلم يغلظ عَلَيْهِ وغن وصفوه بأمثاله وعرفوه بأشباهه عظمت التُّهْمَة فيستعمل (102 أ) فِيهَا من حَال الْكَشْف مَا سَنذكرُهُ آنِفا ونشير إِلَيْهِ
الثَّانِي إِن لَهُ أَن يُرَاعى شَوَاهِد الْحَال وأوصاف الْمُتَّهم فِي قسوة التُّهْمَة وضعفها فَإِن كَانَت التُّهْمَة بزنا وَكَانَ الْمُتَّهم للنِّسَاء ذَا فكاهة وخلابة قويت التُّهْمَة وَإِن كَانَ (102 ب) بضده ضعفت وَتعذر تَعْرِيفهَا وَإِن كَانَت التُّهْمَة بِسَرِقَة وَكَانَ المتهوم لَهُ شطارة أَو فِي بدنه آثَار ضرب أَو كَانَ مَعَه حِين أَخذ مِنْهُ قويت التُّهْمَة وَإِن كَانَ بضده ضعفت وخفيت الأمارة
الثَّالِث أَن لَهُ حبس المتهوم قبل ثُبُوت (103 أ) التُّهْمَة بِالْبَيِّنَةِ أَو الْإِقْرَار للكشف واستبراء وَاخْتلف فِي مُدَّة حَبسه فَذهب الْبَعْض إِلَى أَنَّهَا مقدرَة بِشَهْر وَاحِد لَا يتجاوزه وَبَعْضهمْ إِلَى أَنَّهَا لَيست مقدرَة بل موكول إِلَى النَّاظر فِي الْمَظَالِم وَهَذَا أشبه عِنْد النّظر
الرَّابِع أَن لَهُ إِذا قويت التُّهْمَة (103 ب) أَن يضْرب المتهوم ضرب تَقْرِير لَا ضرب حد ليحمله على الصدْق فِيمَا قذف بِهِ
فَإِن أقرّ تَحت الضَّرْب حكم عَلَيْهِ بعول وَإِن ضرب ليصدق عَن حَالَة فَأقر تَحت الضَّرْب ترك ضَرْبَة واستعيد إِقْرَاره فَإذْ (104 أ) أَعَادَهُ كَانَ مأخوذا بِالْإِقْرَارِ الثَّانِي دون الأول
الْخَامِس أَن لَهُ فِيمَن تكَرر مِنْهُ الجرائم وَلَا ينزجر عَنْهَا بالحدود أَن يستديم حَسبه وجزره إِذا إستضر النَّاس بجرائمه حَتَّى يَمُوت بعد أَن يقوم بقوته وَكسوته من بَيت المَال (104 ب) ليدفع ضَرَره عَن النَّاس وشره
السَّادِس إِن لَهُ أحلاف المتهوم فِي حُقُوق الله تَعَالَى وَحُقُوق الْعباد

الصفحة 58