كتاب المنهاج القويم شرح المقدمة الحضرمية

فإن كان في مرقد أو في سفينة أتم ركوعه وسجوده واستقبل، وإن لم يكن في مرقد ولا في سفينة فإن كان راكبًا استقبل في إحرامه فقط إن سهل عليه، وطريقه قبلته في باقي صلاته
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الحرام وغيرهم، ويجب استقبالها في كل صلاة "إلا في صلاة شدة الخوف" كما يأتي وصلاة العاجز كمريض لا يجد من يوجهه إلى القبلة ومربوط على خشبة وغريق ومصلوب فيصلي على حسب حاله ويعيد "وإلا في نفل السفر" المعين المقصد "المباح" أي الجائز وإن كره أو قصر بأن كان ميلا فأكثر لا أقل فحينئذ لا يشترط الاستقبال فيه بتفصيله الآتي لما صح "أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي على راحلته في السفر غير المكتوبة حيثما توجهت به"1 أي في جهة مقصده، وقيس بالراكب الماشي, ولأن بالناس حاجة بل ضرورة إلى الأسفار، فلو كلفوا الاستقبال لتركوا أورادهم لمشقته فيه، أما الفرض ولو جنازة ومنذورة فلا يصلي على دابة سائرة مطلقًا لأن الاستقرار فيه شرط احتياطًا له، نعم إن خاف من النزول على نفسه أو ماله وإن قل أو فوت رفقته إذا استوحش به كان له أن يصلي الفرض عليها وهي سائرة إلى مقصده ويومئ ويعيد، ويجوز فعله على السائرة والواقفة إن كان لها من يلزم لجامها بحيث لا تتحول عن القبلة إن أتم الأركان، وعلى سرير يمشي به رجال وفي زورق جار وفي أرجوحة معلقة بحبال، وإذا جاز التنفل على الراحلة "فإن كان في مرقد" كهودج2 ومحارة3 "أو في سفينة أتم" وجوبًا "ركوعه وسجوده" وسائر الأركان أو بعضها إن عجز عن الباقي "واستقبل" وجوبًا لتيسر ذلك عليه ومحل ذلك في غير مسير السفينة أما هو وهو من له دخل في سيرها فلا يلزمه التوجه في جميع صلاته ولا إتمام الأركان بل في إحرامه فقط إن سهل كراكب الدابة. "وإن لم يكن في مرقد وفي سفينة فإن كان راكبًا" فيما لا يسهل فيه الاستقبال في جميع الصلاة وإتمام الأركان "استقبل في إحرامه فقط إن سهل عليه" بأن كانت الدابة غير صعبة ولا مقطورة وإلا لم يلزمه في الإحرام أيضًا أما غيره ولو السلام فلا يلزمه فيه مطلقًا لأن الانعقاد يحتاط له ما لا يحتاط لغيره. "وطريقه" يعني جهة مقصده وإن لم يسلك طريقه ولو لغير عذر "قبلته في باقي صلاته" بالنسبة لمن سهل عليه التوجه إلى التحرم فقط وفي كلها بالنسبة لغيره للخبر السابق، فلو انحرف عن صوب مقصده أو استدبره عمدًا وإن قصر أو أكره أو غير عمد إن طال بطلت صلاته وإلا فلا ويسجد للسهو، نعم إن انحرف إلى القبلة ولو بركوبه مقلوبًا أو
__________
1 رواه البخاري في الصلاة باب 31 "حديث 400" عن جابر قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته حيث توجهت، فإذا أراد الفريضة نزل فاستقبل القبلة". ورواه مسلم في صلاة المسافرين وقصرها "حديث 39" عن ابن عمر قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسبح على الراحلة قبل أي وجه توجه ويوتر عليها، غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة".
2 الهودج: أداة ذات قبة توضع على ظهر الجمل لتركب فيها النساء "المعجم الوسيط: ص976".
3 المحارة: منسم البعير. كذا في لسان العرب "4/ 222" والمعجم الوسيط "ص206".

الصفحة 117