كتاب المنهاج القويم شرح المقدمة الحضرمية

ويومئ الراكب بركوعه وسجوده أكثر، وإن كان ماشيًا استقبل في الإحرام والركوع والسجود والجلوس بين السجدتين، ومن صلى في الكعبة واستقبل من بنائها شاخصًا ثابتًا قدر ثلثي ذراع صحت صلاته، ومن أمكنه مشاهدتها لم يقلد، فإن عجز أخذ بقول ثقة يخبر عن علم فإن فقد اجتهد بالدلائل، فإن عجز لعماه أو عمى بصيرته قلد ثقة عارفًا،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
على جنبه لم يضر لأنها الأصل، ومن ثم جاز له جعل وجهه لها وظهره لمقصده، "ويومئ الراكب" وجوبًا "بركوعه وسجوده" ويجب كون الإيماء بالسجود "أكثر" تمييزًا له لكن لا يلزمه بذل وسعه في الإيماء "وإن كان" المسافر "ماشيًا استقبل" القبلة "في الإحرام و" في "الركوع والسجود" ويتمها "و" في "الجلوس بين السجدتين" لسهولة ذلك كله عليه بخلاف الراكب ولا يمشي إلا في قيامه، ومنه الاعتدال وتشهده مع السلام لطول زمنهما "ومن صلى في الكعبة" أو عليها فرضًا أو نفلًا جاز له بل يندب الصلاة فيها. "و" حينئذ فإن "استقبل من بنائها" أو ترابها المجموع من أجزائها لا الذي تلقيه الريح "شاخصًا ثابتًا" كعتبة وباب مردود وكذا عصا مسمرة فيه أو مثبتة "قدر ثلثي ذراع" تقريبًا فأكثر بذراع الآدمي وإن بعد عنه ثلاثة أذرع فأكثر "صحت صلاته" لتوجهه إلى جزء منها بخلاف نحو حشيش نابت بها وعصا مغروزة فيها وإنما صح استقبال هوائها بالنسبة لمن هو خارج عنها؛ لأنه يعد حينئذ متوجهًا إليها كالمصلي على أعلى منها كأبي قبيس1 بخلاف المصلي فيها أو عليها "ومن أمكنه مشاهدتها" أي الكعبة بأن لم يكن بينه وبينها حائل كأن كان بالمسجد أو كان بينهما حائل بني لغير حاجة "لم يقلد" يعني لم يأخذ بقول أحد وإن كان مخبرًا عن علم بل لا بد من مشاهدتها أو مسها بالنسبة للأعمى ومن في ظلمة لإفادته اليقين فلا يرجع إلى غيره مع قدرته عليه. "فإن عجز" عن علمها لحائل بينه وبينها ولو طارئًا بني لحاجة "أخذ" وجوبًا "بقول ثقة" في الرواية ولو رقيقًا وأنثى "يخبر عن علم" أي مشاهدة لعينها؛ لأن خبره أقوى من الاجتهاد فلا يعدل إلى الاجتهاد مع قدرته على أقوى منه، ومثله رؤية محراب لم يطعن فيه وإن كان ببلدة صغيره لكن يشترط أن يكثر طارقوه، وقول الثقة رأيت كثيرًا من المسلمين يصلون إلى هذه الجهة أو القطب هاهنا والمصلي يعلم دلالته على القبلة أما غير الثقة كالفاسق والصبي فلا يقبل خبره، "فإن فقد" الثقة المذكور "اجتهد" وجوبًا بأن يستدل على القبلة "بالدلائل" التي تدل عليها وهي كثيرة أضعفها الرياح وأقواها القطب وهو عند الفقهاء نجم صغير في بنات نعش الصغرى بين الفرقدين والجدي ويختلف باختلاف الأقاليم، ففي مصر يكون خلف أذن المصلي اليسرى، وفي العراق يكون خلف اليمنى، وفي أكثر اليمن قبالته مما يلي جانبه الأيسر، وفي الشام وراءه، ويجب تعلم أدلتها عينًا على من أراد سفرًا يقل فيه العارفون بالقبلة وإلا وجب على
__________
1 أبو قبيس: جبل مشرف على مكة.

الصفحة 118