كتاب المنهاج القويم شرح المقدمة الحضرمية

وإن تحير صلى كيف شاء ويقضي، ويجتهد لكل فرض، فإن تيقن الخطأ فيها أو بعدها استأنفها، وإن تغير اجتهاده عمل بالثاني فيما يستقبل ولا قضاء للأول.
الشرط العاشر: ترك الكلام فتبطل بنطق بحرفين، أو حرف مفهم، أو ممدود ولو بتنحنح وإكراه، وضحك وبكاء، وأنين، ونفخ من الفم أو الأنف، ويعذر في يسير الكلام إن سبق لسانه، أو نسي أو جهل التحريم وهو قريب عهد بالإسلام أو من نشأ ببادية بعيدة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الكفاية، ومن ترك التعلم وقد خوطب به عينًا لم يجز له التقليد إلا عند الضيق الوقت ويعيد بخلاف من خوطب به كفاية فإن له التقليد مطلقًا ولا يعيد وعليه يحمل قول المصنف "فإن عجز" عن الاجتهاد "لعماه" أي لعمى بصره "أو عمى بصيرته قلد ثقة عارفًا" يجتهد له لعجزه "وإن تحير" المجتهد فلم يظهر له شيء بعد اجتهاده أو اختلف على الأعمى مجتهدان ولم يترجح أحدهما عنده "صلى كيف شاء" لحرمة الوقت "ويقضي" وجوبًا لأنه نادر "ويجتهد" وجوبًا "لكل فرض" يعني صلاة وإن لم يفارق محله الأول سعيًا في إصابة الحق ما أمكن، نعم إن كان ذاكرًا للدليل الأول لم يلزمه ذلك، وإذا اجتهد وصلى "فإن تيقن الخطأ فيها أو بعده" ولو بخبر ثقة عن عيان "استأنفها" وجوبًا لتبين فساد الأولى "وإن" لم يتيقنه وإنما "تغير اجتهاده عمل بالثاني" وجوبًا لا فيما مضى لمضيه على الصحة ولم يتيقن فساده بل يعمل "فيما يستقبل" وإن كان في الصلاة فيتحول إلى ما ظنه الصواب إن ظهر له مقارنًا لظهور خطأ الأول وهكذا حتى لو صلى أربع ركعات إلى أربع جهات بالاجتهاد صحت صلاته، "ولا قضاء للأول" من الاجتهادين ولا لغير الأخير من الاجتهادات لأن الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد، أما لو ظهر له الخطأ ثم ظهر له الصواب ولو عن قرب فإن صلاته تبطل لمضي جزء منها إلى غير قبلة محسوبة.
"الشرط العاشر: ترك الكلام" أي كلام الناس لخبر مسلم: "كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] ، فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام"1 وفي رواية له2: "إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس" , "فتبطل" الصلاة "بنطق بحرفين وإن لم يفهما أو كانا من آية نسخ لفظها أو لمصلحة الصلاة كقوله لإمامه قم "أو حرف مفهم" نحو ق أو ع أو ل أو ط من الوقاية والوعاية والولاية والوطء "أو" حرف "ممدود" وإن لم يفهم إذ المد ألف أو واو أو ياء فالممدود في الحقيقة حرفان وتبطل بالنطق بما ذكر "ولو" حصل "بتنحنح وإكراه" لندرته فيها "وضحك وبكاء" ولو للآخرة "وأنين ونفخ من الفم أو الأنف" كما قاله جماعة من المتأخرين لكن يبعد تصوره وعطاس وسعال بلا غلبة في الكل إذ لا ضرورة حينئذ. "ويعذر في يسير الكلام" عرفًا كالكلمتين والثلاث "إن سبق لسانه" إليه "أو نسي" أنه
__________
1 رواه مسلم في المساجد ومواضع الصلاة "حديث رقم 35" من حديث زيد بن أرقم.
2 في المساجد ومواضع الصلاة "حديث رقم 33" من حديث معاوية بن الحكم السلمي.

الصفحة 119