كتاب المنهاج القويم شرح المقدمة الحضرمية

عن العلماء أو حصل بغلبة ضحك أو غيره، ولا يعذر في الكثير بهذه الأعذار، ويعذر في التنحنح لتعذر القراءة الواجبة، ولو نطق بنظم القرآن بقصد التفهيم أو أطلق بطلت صلاته. ولا تبطل بالذكر والدعاء بلا خطاب، ولا بالتلفظ بقربة كالعتق والنذر، ولا بالسكوت
ـــــــــــــــــــــــــــــ
في الصلاة "أو جهل التحريم" للكلام فيها "وهو قريب عهد بالإسلام أو من" أي شخص "نشأ ببادية بعيدة عن العلماء" أي عمن يعرف ذلك لأنه صلى الله عليه وسلم تكلم قليلا في الصلاة معتقدًا فراغها, ولم يبطل صلاة من تكلم فيها قليلا جاهلا لقرب إسلامه، وقيس بذلك الباقي، وكالجاهل من جهل تحريم ما أتى به أو كون التنحنح مبطلا وإن علم تحريم جنس الكلام، بخلاف ما لو علم الحرمة وجهل الإبطال فإنه يبطل إذ حقه بعد العلم بالتحريم الكف. "أو" إن "حصل" اليسير "بغلبة ضحك أو غيره" مما سبق إذ لا تقصير, "ولا يعذر" كما في المجموع وغيره وإن خالفه جماعة "في" الكلام "الكثير بهذه الأعذار" السابقة من التنحنح وما بعده إلى هنا؛ لأن الكثير يقطع نظم الصلاة. "و" قد "يعذر" فيه وذلك "في التنحنح لتعذر القراءة الواجبة" والتشهد الواجب وغيرهما من الواجبات القولية فلا تبطل الصلاة بالكثير حينئذ للضرورة بخلاف التنحنح لسنة كالجهر فإنه يبطلها إذ لا ضرورة إليه، "ولو نطق بنظم القرآن" أو ذكر كقوله لجماعة استأذنوا في الدخول عليه: باسم الله, أو فتح على إمامه بقرآن أو ذكر أو جهر الإمام أو المبلغ بتكبيرات الانتقالات فإن كان ذلك "بقصد التفهيم" أو الفتح أو الإعلام "أو أطلق" فلم يقصد شيئًا "بطلت صلاته"؛ لأن عروض القرينة أخرجه عن موضوعه من القراءة والذكر إلى أن صيره من كلام الناس، بخلاف ما لو قصد القراءة وحدها أو الذكر وحده أو مع نحو التفهيم فإن الصلاة لا تبطل لبقاء ما تكلم به على موضوعه، ولا فرق على الأوجه بين أن يكون انتهى في قراءته إلى تلك الآية أو أنشأها حينئذ، ولا بين ما يصلح لتخاطب الناس به من نظم القرآن والأذكار وما لا يصلح، وخرج بنظم القرآن ما لو غير نظمه كقوله: يا إبراهيم سلام كوني1, فتبطل صلاته مطلقًا، نعم إن لم يصل بعضها ببعض وقصد القراءة فلا بطلان. "ولا تبطل" الصلاة "بالذكر والدعاء بلا خطاب" لمخلوق غير النبي صلى الله عليه وسلم ولا تعليق "ولا بالتلفظ بقربة كالعتق والنذر" والصدقة والوصية وسائر القرب المنجزات بلا تعليق ولا خطاب لمن ذكر؛ لأن ذلك قربة ومناجاة لله فهو من جنس الدعاء بخلافه مع خطاب مخلوق غير النبي صلى الله عليه وسلم من إنس وجن وملك وغيرهم وإن لم يعقل كقوله لعاطس: رحمك الله, ولهلال: ربي وربك الله, أو مع تعليق كإن شفى الله مريضي فعلي عتق رقبة، أو اللهم اغفر لي إن شئت, فتبطل بذلك مطلقًا كما لو نطق بشيء من ذلك بغير العربية وهو يحسنها، ولا تضر إشارة الأخرس ولو ببيع وإن صح بيعه ولا خطاب الله تعالى وخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو في غير التشهد، ويسن حتى
__________
1 نص الآية 69 من سورة الأنبياء: {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} .

الصفحة 120