كتاب المنهاج القويم شرح المقدمة الحضرمية

في البناء وبطن الوادي مع توقع السيل، والكنيسة والبيعة والمقبرة والحمام وعطن الإبل، وسطح الكعبة، وثوب فيه تصاوير أو شيء يلهيه والتلثم، والتنقيب وعند غلبة النوم.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وخارجها "إن شوش على غيره" من نحو مصل أو قارئ أو نائم للضرر ويرجع لقول المتشوش ولو فاسقًا لأنه لا يعرف إلا منه، وما ذكره من الحرمة ظاهر لكن ينافيه كلام المجموع وغيره فإنه كالصريح في عدمها إلا أن يجمع بحمله على ما إذا خف التشويش، "وتكره" الصلاة أيضًا "في المزبلة" بفتح الموحدة وضمها وهي موضع الزبل. "والمجزرة" وهي موضع الجزر أي الذبح لصحة النهي عنهما1 ولما فيهما من محاذاة النجاسة فإن مسها بعض بدنه أو محموله بطلت صلاته كما مر. "والطريق في البناء" دون البرية للنهي ولاشتغال القلب بمرور الناس فيها، وبه يعلم أن التعبير بالبناء دون البرية جرى على الغالب، وأنه حيث كثر مرورهم بمحل كرهت الصلاة فيه حينئذ وإن لم يكن طريقًا كالمطاف وفي الوادي الذي نام فيه صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه عن صلاة الصبح لأنه ارتحل عنه ولم يصل فيه وقال: "إن فيه شيطانًا" 2. "و" في "بطن الوادي" أي كل واد "مع توقع السيل" لخشية الضرر وانتفاء الخشوع "و" في "الكنيسة" وهي متعبد اليهود "و" في "البيعة" وهي متعبد النصارى وغيرهما من سائر أمكنة المعاصي كالسوق لأنها مأوى الشياطين كالحمام. "و" في "المقبرة" الطاهرة والمنبوشة إن جعل بينه وبين النجاسة حائلا لما مر في المزبلة، وبه يعلم أن الكلام في مقابر الأنبياء "والحمام" أو مسلخه ولو جديدًا لما مر "وعطن الإبل" وهو المحل الذي تنحى إليه بعد شربها ليشرب غيرها أو هي ثانيًا للنهي عنه3 ولتشوش خشوعه بشدة نفارها. "و" على "سطح الكعبة" لما فيه من الاستعلاء عليها. "و" في "ثوب" أو إليه أو عليه إن كان "فيه تصاوير أو شيء" آخر "يلهيه" عن الصلاة كخطوط وكآدمي يستقبله للخبر الصحيح: أنه صلى صلى الله عليه وسلم وعليه ثوب ذو أعلام فلما فرغ قال: "ألهتني هذه" 4 "والتلثم" للرجل "والتنقيب" لغيره للنهي عن
__________
1 روى الترمذي في الصلاة باب 141، وابن ماجه في المساجد والجماعات باب 4 "حديث 746" عن ابن عمر قال: "نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلى في سبع مواطن: في المزبلة والمجزرة والمقبرة وقارعة الطريق والحمام ومعاطن الإبل وفوق الكعبة". ورواه ابن ماجه أيضًا "حديث 747" عن عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "سبع مواطن لا تجوز فيها الصلاة: ظاهر بيت الله والمقبرة والمزبلة والمجزرة والحمام وعطن الإبل ومحجة الطريق".
2 رواه البخاري ومسلم وغيرهما من حديث عمران بن حصين.
3 النهي عن الصلاة في معاطن الإبل رواه الترمذي في المواقيت باب 142، والنسائي في المساجد باب 41، وابن ماجه في المساجد والجماعات باب 12، والدارمي في الصلاة باب 112، وأحمد في المسند "3/ 404، 405، 4/ 85، 86، 150، 303، 5/ 54، 55، 97، 102، 105".
4 عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في خميصة لها أعلام، فنظر إلى أعلامها نظرة، فلما انصرف قال: "اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم وائتوني بأنبجانية أبي جهم، فإنها ألهتني آنفًا عن صلاتي". رواه البخاري في الصلاة باب 14 "حديث 373" ورواه أيضًا برقم "752 و5817" ومسلم في المساجد ومواضع الصلاة حديث 62، وأبو داود في اللباس باب 8، وأحمد في المسند "6/ 199".

الصفحة 126