كتاب المنهاج القويم شرح المقدمة الحضرمية

فصل: "في اللباس"
يحرم الحرير والقز للذكر البالغ إلا لضرورة كجرب وحكة وقمل، ويحل المركب من حرير وغيره إن استويا في الوزن وإلباس الصبي الحرير، والذهب والفضة، والحرير
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل: في اللباس
"يحرم الحرير والقز" وهو نوع منه لكنه أدون1 "للذكر" والخنثى "البالغ" العاقل أي عليه بسائر وجوه الاستعمالات كالتستر والتدثر لما صح عنه صلى الله عليه وسلم من النهي عن لبسه وعن الجلوس عليه2، وقيس بهما سائر وجوه الاستعمالات، ولأن فيه من معنى الخيلاء أنه يورث رفاهية وزينة وإبداء زي يليق بالنساء دون شهامة الرجال "إلا لضرورة" أو حاجة "كجرب وحكة" إن آذاه غيره ودفع حر وبرد شديدين "وقمل" فيحل استعماله لأجل ذلك حضرًا وسفرًا إن كان القمل لا يندفع بدونه ولا بأسهل منه للحاجة، ولأنه صلى الله عليه وسلم أرخص فيه لعبد الرحمن بن عوف وللزبير لحكة كانت بهما3 ويجوز بل يجب لبسه إذا لم يجد غيره ليستر عورته ولو في الخلوة، وللمحارب لبس ديباج لا يقي غيره وقايته، وكذا لمن فاجأه قتال بغتة فلم يمكنه طلب غير الحرير أو لم يجد غيره.
"ويحل المركب من حرير وغيره إن استويا في الوزن" أو كان الحرير أقل سواء زاد ظهور الحرير أو لا لأنه حينئذ لا يسمى حريرًا والأصل بخلاف ما أكثره حرير في الوزن لأنه حينئذ يسمى ثوب حرير، وخرج بالذكر المرأة فيحل لها سائر استعماله افتراشًا وغيره لما صح من قوله صلى الله عليه وسلم: "حل لإناثهم" 4 نعم يحرم عليها تزيين الجدران به وتعليق الستور على الأبواب ونحوها، وخرج بالبالغ الصبي وبالعاقل المجنون. "و" من ثم حل "إلباس الصبي" ولو مراهقًا والمجنون "الحرير و" حلي "الذهب والفضة" في يوم العيد وغيره إذ ليس لهما شهامة تنافي خنوثة ذلك ولأنهما غير مكلفين، وكاللبس هنا أيضًا سائر وجوه الاستعمال. "و"
__________
1 في المعجم الوسيط "ص733": "القز: الحرير على الحال التي يكون عليها عندما يستخرج من الصلجة".
2 روى البخاري في اللباس باب 27 "حديث 5837" عن حذيفة قال: "نهانا النبي صلى الله عليه وسلم أن نشرب في آنية الذهب والفضة وأن نأكل فيها، وعن لبس الحرير والديباج وأن نجلس عليه".
3 رواه من حديث أنس بن مالك البخاري في اللباس باب 29 "حديث 5839" ومسلم في اللباس "حديث 25" وأبو داود في اللباس باب 9، والنسائي في الزينة باب 92، وأحمد في المسند "3/ 127، 180، 255، 273".
4 روى ابن ماجه في اللباس باب 19 "حديث 3559" عن علي بن أبي طالب قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حريرًا بشماله وذهبًا بيمينه ثم رفع بهما يديه فقال: "إن هذين حرام على ذكور أمتي حل لإناثهم" , ورواه أيضًا "حديث 3597" عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي إحدى يديه ثوب من حرير وفي الأخرى ذهب فقال: "إن هذين محرم على ذكور أمتي حل لإناثهم".

الصفحة 187