كتاب المنهاج القويم شرح المقدمة الحضرمية

كان عليه غسل قبل الصبح، ويتأكد له ترك الكذب والغيبة، ويسن له ترك الشهوات المباحة، فإن شاتمه أحد تذكر أنه صائم، وترك الحجامة، والمضغ وذوق الطعام،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
"لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر وأخرو السحور"1 وصح: تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم, ثم قمنا إلى الصلاة وكان قدر ما بينهما خمسين آية2، وفيه ضبط لقدر ما يحصل به سنة التأخير. ومحل سن تأخيره "ما لم يقع" به "في شك" في طلوع الفجر وإلا لم يندب تأخيره لخبر: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" 3 "و" يستحب "الاغتسال إن كان عليه غسل قبل الصبح" ليؤدي العبادة على الطهارة، ومن ثم ندب له المبادرة إلى الاغتسال عقب الاحتلام نهارًا، ولئلا يصل الماء نحو باطن أذنه أو دبره، ومن ثم ينبغي له غسل هذه المواضع قبل الفجر إن لم يتهيأ له الغسل الكامل قبله، وللخروج من قول أبي هريرة رضي الله عنه بوجوبه للخبر الصحيح: "من أصبح جنبًا فلا صوم له" 4 وهو مؤول أو منسوخ5 "ويتأكد له" أي للصائم "ترك الكذب والغيبة" وإن أبيحا في بعض الصور والمشاتمة وغير ذلك من كل محرم لأنه يحبط الثواب كما صرحوا به للأخبار الصحيحة الدالة على ذلك6.
"ويسن له ترك الشهوات المباحة" التي لا تبطل الصوم من التلذذ بمسموع ومبصر وملموس ومشموم كشم ريحان ولمسه والنظر إليه لما في ذلك من الترفه الذي لا يناسب
__________
1 رواه البخاري في الصوم باب 45، ومسلم في الصيام حديث 48، والترمذي في الصوم باب 13، وابن ماجه في الصيام باب 24، والدارمي في الصوم باب 11، ومالك في الصيام حديث 6 و7، وأحمد في المسند "5/ 147، 172، 331، 334، 336، 337، 339".
2 رواه من حديث زيد بن ثابت: البخاري في الصوم باب 19، ومسلم في الصيام حديث 47، والترمذي في الصوم باب 14، والنسائي في الصيام باب 21 و22، وابن ماجه في الصوم باب 23، والدارمي في الصوم باب 8، وأحمد في المسند "5/ 182، 185، 186، 188".
3 رواه الترمذي "حديث 2518" والنسائي في الأشربة باب 48، وأحمد "1/ 200، 3/ 112، 153" والبيهقي في السنن الكبرى "5/ 335", والحاكم في المستدرك "2/ 13، 4/ 99" والطبراني في الكبير "3/ 75".
4 ذكره بهذا اللفظ الزبيدي في إتحاف السادة المتقين "4/ 320. ورواه بلفظ: "من أصبح جنبًا فلا يصوم" أحمد في المسند "2/ 248"، وبلفظ: "من أصبح جنبًا فلا يصومن يومئذ" الطبراني في الكبير "18/ 293".
5 حمل هذا الحديث على من طلع عليه الصبح وهو مجامع.
6 منها ما رواه البخاري في الصوم باب 8 "حديث 1903", والأدب باب 51 "حديث 6057"، وأبو داود في الصوم باب 26 "حديث 2362" والترمذي "حديث 707" وأحمد "2/ 452" والبيهقي "4/ 270" عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه". وروى أبو داود في الصوم باب 26 "حديث 2363" عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الصيام جنة فإذا كان أحدكم صائمًا فلا يرفث ولا يجهل، فإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم إني صائم".

الصفحة 253