كان في آخر عمره صلى الله عليه وسلم (¬1) وهذا والله أعلم يدل على توديعه للأموات كما فعل مع شهداء أحد؛ ولهذا والله أعلم كان يخرج في الليل ويقف في البقيع يدعو لهم كما قالت عائشة رضي الله عنها: «ثم انطلقت على إثره حتى جاء البقيع فقام فأطال القيام ثم رفع يديه ثلاث مرات ثم انحرف. . .» (¬2).
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يومًا فصلى على قتلى أُحد صلاة الميت (¬3) بعد ثماني سنين كالمودع للأحياء والأموات ثم طلع على المنبر فقال: إني بين أيديكم فرط لكم، وأنا شهيد عليكم، وإن موعدكم الحوض، وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن من مقامي هذا، وإني قد أعطيت مفاتيح خزائن الأرض، أو مفاتيح
¬_________
(¬1) انظر: شرح الأبي على صحيح مسلم 3/ 388, وفتح الباري 7/ 349.
(¬2) مسلم برقم 974.
(¬3) الأحاديث الصحيحة دلت أن شهداء المعركة لا يصلى عليهم, أما هذا الحديث فكأنه - صلى الله عليه وسلم - دعا لهم واستغفر لهم حين علم قرب أجله مودعاً لهم بذلك, كما ودع أهل البقيع بالاستغفار لهم. انظر: فتح الباري 3/ 210 و7/ 349 ورجح ذلك العلامة ابن باز في تعليقه على فتح الباري 6/ 611.