كتاب شرح حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم

27 - مشروعية الرمل في الأشواط الثلاثة الأولى من طواف القدوم دون الأربعة الباقية.
فإن قلت: ما الحكمة من الرمل في الطواف في الأشواط الثلاثة الأولى دون الأربعة الباقية؟
فالجواب: أن الحكمة في ذلك تذكير المؤمنين بأصل هذا الرمل لأن أصله أن النبي صلى الله عليه وسلم قاضى أهل مكة في غزوة الحديبية على أن يرجع من العام القادم معتمرا. وأهل مكة أعداء للرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، والعدو يحب الشماتة بعدوه فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم للعمرة قال بعضهم لبعض دعونا نجلس هنا ننظر إلى هؤلاء القوم الذين وهنتهم حمى يثرب كيف يطوفون. لأن عندهم أن هؤلاء قوم أصابهم المرض وأنهك قواهم يريدون بذلك الشماتة وجلسوا في شمالي الكعبة من جهة الشمال وهم ينظرون فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يرملوا ليظهروا الجلد والقوة والنشاط ليغيظوا الكفار وإغاظة الكفار أمر مقصود لله عز وجل كما قال تعالى:) مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ((¬1) وقال
¬_________
(¬1) سورة الفتح: آية 29.

الصفحة 95