كتاب شرح حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم

تعالى:) وَلا يَطَأُونَ مَوْطِئاً يُغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ ((¬1) أراد النبي صلى الله عليه وسلم من قومه أن يغيظوا الكفار لكنه أمرهم أن
يرملوا من الحجر إلى الركن اليماني دون ما بين الركنين لأنهم بين الركنين يختفون عن المشركين وأراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يرفق بأصحابه ولهذا جعل الرمل في الأشواط الثلاثة الأولى لأن الثلاثة أقل من الأربعة فاعتبر الأقل في جانب الصعوبة ثم إن اختيار الثلاثة دون الأربعة فيه القطع على وتر والله سبحانه وتعالى إذا تأملنا مشروعاته وجدنا غالبها مقطوعاً على وتر. ففي كون الرمل خاصاً بالأشواط الثلاثة الأولى فائدتان:
الأولى: اعتبار الأخف في باب المشقة.
الثانية: القطع على وتر.
أما في حجة الوداع فقد رمل النبي صلى الله عليه وسلم في الأشواط الثلاثة كلها من الحجر إلى الحجر لأن العلة التي من أجلها شرع الحكم وهو إغاظة الكفار الذين كانوا يشاهدون قد انقطعت فصار الرمل من الحجر إلى الحجر عبادة محضة ولم يكن القصد منه الإغاظة لأن الإغاظة انتهت.
ولكن هل الطائف يذكر في هذه الحال حال النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حين قدموا في عمرة القضاء أو يذكر المعنى الأصلي
¬_________
(¬1) سورة التوبة: آية 120.

الصفحة 96