كتاب شرح تنقيح الفصول

القدرة القديمة أو مساوٍ في الخفاء نحو العلم ما يعلم به، أو يعرف الضد بالضد نحو العلم ما ليس بظن ولا جهل حتى يحصر الأضداد، وحد الزوج ما ليس بقرد فلا يحصل به بيان؛ لأنه يدور، أو يؤخذ المضاف في حد المضاف إليه وهما متكافئان في الإضافة نحو الأب من له ابن لاستوائهما في الجهل، أو يؤخذ المعلول في حد العلة مع أنه لا يوجد المعلول إلا بها، كقولنا: الشمس كوكب يطلع نهاراً، والنهار زمان تطلع فيه الشمس إلى غروبها.
والمعرفات خمسة؛ الحد التام، والحد الناقص، الرسم التام، والرسم الناقص، وتبديل لفظ بلفظ مرادف له هو أشهر منه عند السامع، فالأول التعريف بجملة الأجزاء نحو قولنا الإنسان هو الحيوان الناطق، والثاني التعريف بالفصل وحده وهو الناطق، والثالث التعريف بالجنس والخاصة كقولنا الحيوان الضاحك، والرابع بالخاصة وحدها
نحو قولنا هو الضاحك، والخامس نحو قولنا ما البُرَ فتقول القمح.
تقدم أن الحد أصله في اللغة المنع ثم يقصد به في الاصطلاح بيان الحقائق التصورية، فإذا قيل لك عرف حقيقة وحدها معناه بينها. ولما كنت إذا قيل لك ما حدود دار زيد أو حددها لنا فإنك تذكر جميع جهاتها وحدودها الأربعة إلى حيث تنتهي من الجهات الأربع، فلو اقتصرت على بعضها لم تكن مكملاً للمقصود؛ فلذلك سموا ذكر الأجزاء كلها حداً تاماً لاشتماله على جميع الأجزاء كاشتمال تحديد الدار على جميع الجهات، والاقتصار على بعضها حداً ناقصاً، فإن عدلنا عن جميع الأجزاء إلى اللوازم والخارجة عن الحقيقة سموه بالرسم؛ أي هو علامة على الحقيقة وإن لم يكشف عنها حق الكشف، كما إذا قلت دار زيد قبالة دار الأمير فإن هذا علامة على دار زيد، وإن كنا لا نعلم بذلك ما يحيط بدار زيد ولا مقادير تناهيها.
وإن اجتمع الجنس والخاصة فهو تام لاشتماله على القسمين، وإن اقتصرت على الخاصة وحدها سموه ناقصاً؛ كاقتصارك على الفصل وحده يسمى حداً ناقصاً، فهما متشابهان في ذلك.

الصفحة 11