المسألة قد وقعت في عصر أبي حامد (¬1) وأبي عبد الله بن حامد (¬2) مات ميتٌ في أحد جانبي بغداد فصلَّى عليه أبو عبد الله بن حامد وطائفة من الجانب الآخر، وأنكر ذلك أكثر الفقهاء من أصحاب الإمام الشافعي والإمام أحمد وغيرهم: كأبي حفص البرمكي، وغيره.
قال شيخنا: وأما في زمن الشافعي وأحمد فلم يبلغنا أن أحداً صلى في أحد جانبي البلد ببغداد على من مات في الجانب الآخر مع كثرة الموتى وتوفر الهمم والدواعي على نقل ذلك، فتبين أن ذلك محدث لم يفعله أحد من الأئمة، وأما ما يفعله بعض الناس من أنه كل ليلة يصلي على جميع من مات من المسلمين فلا ريب أنه بدعة لم يفعله أحد من السلف (¬3)، والله أعلم.
قال (¬4): وأما لعنة المعين فالأولى تركها؛ لأنه يُمكن أن يتوب.
وقال (¬5) في حديث: "نهى عن بيع وشرط" (¬6): هذا حديث باطل ليس
¬__________
(¬1) هو الأستاذ العلامة شيخ الإسلام أبو حامد أحمد بن أبي طاهر محمد بن أحمد الإسفراييني، شيخ الشافعية ببغداد، ولد سنة أربع وأربعين وثلاثمائة، ومات سنة ست وأربعمائة. ترجمته في "سير أعلام النبلاء" (17/ 193 - 197).
(¬2) هو شيخ الحنابلة ومفتيهم أبو عبد الله الحسن بن حامد بن علي بن مروان البغدادي الوراق، مصنف كتاب "الجامع" في عشرين مجلداً في الاختلاف، مات سنة ثلاث وأربعمائة. ترجمته في "سير أعلام النبلاء" (17/ 203 - 204).
(¬3) "الاختيارات الفقهية" (ص 51).
(¬4) "مجموع الفتاوى" (22/ 63).
(¬5) "مجموع الفتاوى" (18/ 63).
(¬6) رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (4/ 335 رقم 4361)، والحاكم في "معرفة علوم الحديث" (ص 128)، وأبو نعيم في "مسند أبي حنيفة" (ص 160)، وابن عبد البر في "التمهيد" (22/ 185 - 186)، وابن حزم في "المحلى" (8/ 415) من طريق أبي حنيفة، عن عمرو بن شعيب، من أبيه، عن جده - رضي الله عنه. =