كتاب تحرير المقال في موازنة الأعمال وحكم غير المكلفين في العقبى والمآل (اسم الجزء: 1)

فصل

وقول الحميدي: "ومن المحال أن يكونوا في مكانين مختلفين في وقت واحد" قول صحيح في نفسه معلوم ببديهة العقل، لكن احتجاجه بذلك على أن الجنة هي السماوات غير مستقيم، فمن قال له: إن الأنبياء يكونون في الجنة وفي السماوات في زمان واحد، حتى يبني هو على ذلك أن الجنة هي السماء لاستحالة كون الجسم في مكانين في الزمن الواحد.
ومن قال له إنهم لا يبرحون من السماوات حيث رآهم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى يلزم على ذلك أيضا أن السماء هي الجنة.
وكأن الحميدي لم يقف في الحديث على أن النبي - عليه السلام - مر ليلة الإسراء بقبر موسى وهو قائم يصلي فيه (¬1)، ثم رآه تلك الليلة بعينها في السماء السادسة بعد عروجه (¬2) إليها.
¬_________
(¬1) رواه مسلم (172) عن أبي هريرة.
ورواه مسلم (2375) مختصرا والنسائي (1631 - فما بعدها) وأحمد (3/ 148 - 248) وابن حبان (50) وابن أبي شيبة (8/ 446) وأبو يعلى (4085) عن أنس.
(¬2) في (ب): العروج.

الصفحة 107