كتاب تحرير المقال في موازنة الأعمال وحكم غير المكلفين في العقبى والمآل (اسم الجزء: 1)

فمن كان من أصحاب الميمنة أخذ كتابه بيمينه، ومن كان من أصحاب المشأمة أخذ كتابه بشماله. وليس ثم قسم آخر، فإن أصحاب الأعراف في قسم من يأخذ كتابه بيمينه، إذ صح أنهم الذين استوت حسناتهم وسيئاتهم، وهم بعد التوقيف من أهل الجنة.
وكذلك أهل الكبائر إذا لم يعف عنهم في قسم من يأخذ كتابه بيمينه أيضا، إذ لا تخليد في العقاب عليهم ومآلهم إلى الجنة، وإنما يأخذ كتابه بشماله من يخلد في النار، وهو كل من لا يؤمن بالله.
والدليل (ق.19.ب) على انحصار ما قلناه في القسمين قول الله تعالى (¬1) في سورة الحاقة: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} [الحاقة: 19]، {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ} [الحاقة: 25]، إلى آخر القصتين، بعد أن قال: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ} [الحاقة: 13]، وذكر دكَّ الأرض وانشقاق السماء وحمل العرش ثم قال: {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَة} [الحاقة: 18]. ثم قسم المعروضين على قسمين لا غير.
وقوله في سورة الانشقاق: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاء ظَهْرِهِ} [الانشقاق: 10] هو من قسم أهل الشمال لأن الكفر يشملهم.
ولأبي محمد بن حزم في هذه الآية مذهب سيأتي ذكره، والرد عليه بعدما نفرغ من الكلام مع الحميدي فيما تقدم (¬2) من قوله.
¬_________
(¬1) في (ب): قوله تعالى.
(¬2) في (ب): تقدم له.

الصفحة 115