كتاب تحرير المقال في موازنة الأعمال وحكم غير المكلفين في العقبى والمآل (اسم الجزء: 1)

كما قال في سورة أخرى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا} [الإنسان: 5 - 6].
وعباد الله هاهنا هم المقربون، أضافهم الله تعالى إليه إضافة تشريف وتخصيص.
وكذلك قسمهم في سورة الواقعة إلى قسمين:
مقربين، وأصحاب اليمين، وكأنه أخرج الصنف الأعلى من أصحاب اليمين فسماهم بالمقربين، وأبقى أصحاب اليمين اسما على من بقي من سائر الصنف بعد إخراج الصنف الأعلى منهم.
ويدل على القسمين من الحديث قول النبي - عليه السلام -: «إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق إلى المغرب لتفاضل ما بينهم»، فقالوا: يا رسول الله تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم فقال: «بلى والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين». (¬1)
ألا ترى أن أهل الجنة ينظرون إلى من فوقهم كما ينظر إلى الكوكب، والمنظور إليهم هم رجال من المؤمنين دون الأنبياء عليهم السلام على ما يقتضيه الحديث، ومقام الأنبياء أعلى من ذلك لا محالة.
¬_________
(¬1) رواه البخاري (3083) عن أبي سعيد.
ورواه ابن حبان (7392) عن سهل بن سعد.

الصفحة 120