كتاب تحرير المقال في موازنة الأعمال وحكم غير المكلفين في العقبى والمآل (اسم الجزء: 1)

أو كبائر ومات مصرا عليها ممن رجحت حسناته على سيئاته وممن رجحت سيئاته على حسناته فعفي عنه أو لم يعف عنه واقتص منه بدخول النار من لحظة إلى آخر من يخرج منها بالشفاعة أو بفضل الله سبحانه، ويدخل فيهم من لا عقاب عليه، مثل أصحاب الأعراف الذين استوت حسناتهم وسيئاتهم.
فيكون هؤلاء كلهم يعبر عنهم بأصحاب اليمين، إذ لا يبقى بعد هؤلاء إلا المخلدون في النار كما قال النبي - عليه السلام -: «ولم يبق في النار إلا من حبسه القرآن ووجب عليه الخلود» (¬1) يعني الكفار الذين أخبر الله تعالى في القرآن أنه لا يغفر لهم أصلا.
وأما على التأويل الآخر وهو أن يكون المقربون من لا حساب عليه من المؤمنين، مثل السبعين ألفا فسيكون أصحاب اليمين من يناقش الحساب، وإن كانت مناقشة الحساب عذابا كما جاء في الخبر (¬2).
ويبقى النظر فيمن يحاسب حسابا يسيرا، فإن كان هو العرض كما قال - عليه السلام - في تفسير الآية، فسيكون المقربون وغيرهم يشتركون فيه، إذ لا بد لكل أحد من العرض على الله تعالى، وإن كانت المحاسبة على الذنوب مما تقتضيه الآية، فسيكون الذين يحاسبون حسابا يسيرا هم الطبقة العليا من أصحاب اليمين، والله أعلم.
¬_________
(¬1) رواه البخاري (4206 - 6197 - 6975 - 7002) ومسلم (193) وابن ماجه (4312) وأحمد (116 - 244) وابن حبان (6464) وابن أبي شيبة (7/ 418) والطيالسي (268) وأبو يعلى (2899 - 3064) وغيرهم كثير عن أنس، وهو جزء من حديث الشفاعة الطويل.
(¬2) رواه البخاري (103 - 6171 - 6172) ومسلم (2876) وأبو داود (3093) والترمذي (3337) وأحمد (6/ 47 - 91 - 127) وغيرهم عن عائشة.

الصفحة 123