كتاب تحرير المقال في موازنة الأعمال وحكم غير المكلفين في العقبى والمآل (اسم الجزء: 1)

وأما قول الحُميدي: والإجماع قد صح بما جاء به النص من أن من سوى الأنبياء والشهداء فليسوا الآن في الجنة.
فمعترض من وجهين:
أحدهما: إنه قال: (جاء النص بأن من عدا الأنبياء والشهداء ليسوا في الجنة).
ولم يأت قط نص بذلك، وغاية ما ذكر هو أولا أن النص جاء في الشهداء من حديث ابن مسعود، فترقى من ذلك إلى أن يقول: إن النص جاء في أن من عدا الأنبياء والشهداء ليسوا في الجنة.
والوجه الثاني: إنه احتج أولا على كون الأنبياء في الجنة بأنه لم يختلف في ذلك اثنان ثم أخذ الآن يقول: إن الإجماع صح بأن من (ق.22.أ) سوى الأنبياء والشهداء ليسوا في الجنة، ولا يلزم من كون الإجماع إذا صح على أن الأنبياء في الجنة أن من عداهم ليسوا في الجنة، ولا من كون النص قد ورد في الشهداء أن من عداهم ليسوا في الجنة، وذلك إقحام منه في النص وفي الإجماع معا.
وأما كونه يقول: إن أهل السعادة على يمين آدم - عليه السلام - حيث رآهم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (¬1)، ولا يجوز أن يخرج عن ذلك الموضع أحد فيقال: إنه في الجنة من الآن إلا الأنبياء والشهداء، فنحن نسأله (¬2) من ذلك عن أمرين:
أحدهما: إن أهل السعادة عن يمين آدم، وآدم في السماء، والسماء عند الحميدي هي الجنة، فسيلزمه (¬3) أن يكون جميع أهل السعادة الآن في الجنة، فلا
¬_________
(¬1) من (ب).
(¬2) في (أ) نسله، وفي (ب): نسئله.
(¬3) في (ب): فيلزمه.

الصفحة 126