كتاب تحرير المقال في موازنة الأعمال وحكم غير المكلفين في العقبى والمآل (اسم الجزء: 1)

نقل اللفظ.

قال الحميدي: ومن البرهان أيضا على ما قلناه أن الله تعالى رتبهم على ثلاث طبقات: السابقون المقربون في جنات النعيم، وأصحاب اليمين، وأصحاب المشأمة، فلو كان أصحاب اليمين في الجنة بدءا من الآن لكانوا طبقتين فقط، وكذلك لو كان الأنبياء والشهداء مع سائر المؤمنين في محلهم حيث هم الآن لكانوا طبقتين أيضا ولكانت الثالثة ساقطة، وهذا باطل.
فصح ما قلناه من الفرق بين المقربين وبين أصحاب اليمين، وتناظرت النصوص كلها وتبين أن أصحاب اليمين وإن كانوا قد ذكر الله أنهم: {في سِدْرٍ مَخْضُودٍ وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ وَظِلٍّ مَمْدُودٍ وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا عُرُبًا أَتْرَابًا لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآَخِرِينَ} [الواقعة:28 - 40] فإنما هذا بنص الآية على ما يصيرون إليه بعد الحساب يوم القيامة بلا شك لما ذكرنا.
يؤيد هذا (ق.22.ب) قول الله عز وجل في آخر السورة نفسها: {فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ

الصفحة 128