كتاب تحرير المقال في موازنة الأعمال وحكم غير المكلفين في العقبى والمآل (اسم الجزء: 1)

إحداهما: تعظمه تعظيما مفرطا، بحيث تقلده في جميع أقواله ولا ترى مخالفته في شيء من مذهبه، وإذا أُظهر لها في كلامه الخطأ البين والوهم الصراح لم تقبله، وأحالت بالوهم والخطأ على من يتعاطى الرد عليه أو على أنفسها بالعجز عن الانتصار لذلك القول المردود.
والطائفة الثانية: تزري عليه وتحط من قدره حتى تعتقد ألا حسنة عنده، فإذا أظهِر لها ما في قوله من الجودة وبُين لها صحة ما ذهب إليه في أمر ما مما يتكلم عليه أو يتمذهب به لم تقبله أيضا، واعتقدت فيمن يُبين ذلك ويتكلم فيه أنه على مذهبه الذي ينتحله، وقد يكون في هذه (¬1) الطائفة من لا يفهم قوله ولا يدري معناه، لكن يكرهه تقليدا، ويستصوب قول من يرد عليه في الجملة.
وكلتا الطائفتين مخطئة فيما توهمته (ق.26.أ) عليه من الإحسان المجرد أو من الإساءة المجردة، بل هو واحد من العلماء، وممن يقصد الحق عند نفسه فيما يراه، ويؤثر العدل فيما يظنه ويتحراه، فتارة يخطئ وتارة يصيب.
فإذا أصاب فقوله سابق جدا، وإذا أخطأ فقوله نازل جدا، إلا أن أكثر أقواله إنما تأخذ بالطرفين، وغيره من العلماء قد يكون صوابه قريبا من خطئه، أعني أنه إذا أصاب يكون صوابه قريب المرام ليس فيه ذلك الغموض، وإذا أخطأ لم يكن في ذلك الخطأ شذوذ ولا كبير (¬2) تعسف.
¬_________
(¬1) كذا في (ب)، وفي (أ): هذا.
(¬2) في (ب): كثير.

الصفحة 145