كتاب تحرير المقال في موازنة الأعمال وحكم غير المكلفين في العقبى والمآل (اسم الجزء: 1)

وكذلك قال (¬1) منذر بن سعيد في أحكام القرآن له، وهو رجل ظاهري مثل ابن حزم، إلا أنه دونه في الشذوذ.
وهكذا قال غيرهم من أهل اللغة (¬2) ممن تكلم على الحور وعلى حار ويحور، وكلهم أصفقوا على أن قول الله تعالى: {أَنْ لَنْ يَحُورَ} [الانشقاق: 14] إنما معناه أن لن يرجع إلى الله (¬3)، فيجيء على قولهم أن الآية إنما نزلت فيمن هو كافر ولابد، كما نقله المفسرون.
وهذا هو الحق الذي لا غبار عليه ولا يصح غيره.
فلنرجع بعد نقل هذا كله عن أهل التفسير وأهل اللغة إلى تتبع كلام ابن حزم والرد عليه فنقول والله المستعان:
أما قوله: (ذكر الله عز وجل أن الناس كلهم يأخذون كتبهم يوم القيامة على ثلاثة أضرب باليمين أو بالشمال أو من وراء الظهر)، ففيه تجوز، لأن الله تعالى لم يخبرنا بذلك، أعني بما قال ابن حزم من التقسيم على النحو الذي ذكره.
وإنما أخبرنا سبحانه في سورة بأن هناك من يأخذ كتابه بيمينه، ومن يأخذ كتابه بشماله.
وأخبرنا في سورة أخرى بأن هناك من يأخذ كتابه بيمينه ومن يأخذ كتابه وراء ظهره، ولم يقل إنه قسم ثالث، كما قال ابن حزم.
¬_________
(¬1) سقط من (ب).
(¬2) لسان العرب (3/ 383 - 384) والقاموس المحيط (1/ 539) والصحاح (2/ 295).
(¬3) في (ب): وكلهم أصفقوا على أن الله تعالى إنما أراد بقوله أن لن يحور أن لن يرجع إلى الله.

الصفحة 150