كتاب تحرير المقال في موازنة الأعمال وحكم غير المكلفين في العقبى والمآل (اسم الجزء: 1)

الوجه الثاني: إن الظهر ليس فيه جارحة لأخذ ولا لعطاء، وإنما اليد هي المحل لذلك.
فإن قال ابن حزم لا يبعد أن يكون الظهر (¬1) محلا لذلك في الآخرة.
قلنا: لو كان الأمر كذلك لكانت التلاوة: وأما من أوتي كتابه بظهره، كما قال بيمينه وبشماله، وإنما قول الله في الآية: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاء ظَهْرِهِ} [الانشقاق: 10]، وذلك يقتضي أن تكون الجارحة التي تباشر أخذ الكتاب خلاف الظهر، وإذا كانت خلاف الظهر فهي اليد لامحالة.
وإذا ثبت أنها اليد فيقال لابن حزم: لابد أن تقول إنها اليمين أو الشمال، ولا يسعه في حق صاحب الكبائر أن يقول: إنها الشمال، إذ ذلك إنما يكون لمن هو من المكذبين الضالين، وهو من (¬2) لا يؤمن بالله العظيم، فلم يبق إلا أن تكون هي اليمين، فصح بذلك أن المؤمن الذي هو صاحب كبائر إنما يأخذ كتابه بيمينه ولابد، وسندل على أنه لا يصح أن يأخذه من وراء ظهره، وإنما الذي يأخذه من وراء ظهره هو الكافر يأخذه بشماله كذلك، على ما سيأتي بحول الله.
الثالث من الوجوه الخمسة: إن أخذ الكتاب من وراء الظهر لا يخلو أن يكون القصد به الكرامة أو الإهانة، ومحال أن يقصد به الكرامة، إذ ليس ذلك من دأب الكرامة، فلم يبق إلا أن يقصد به الإهانة.
وهو الذي تدل عليه الإهانة.
¬_________
(¬1) سقطت من (ب).
(¬2) سقط من (ب).

الصفحة 157