كتاب تحرير المقال في موازنة الأعمال وحكم غير المكلفين في العقبى والمآل (اسم الجزء: 1)

فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة، فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله كان في دار الدنيا» (¬1).
ألا ترى أن قوله: «حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة»، فإنه يدل على أن الجنة لا يدخلها أحد من المؤمنين (¬2) المذنبين إلا بعد التنقية والتهذيب بالقصاص، وإذا كان الأمر كذلك تبين ما قلناه من أن دخول من يدخل منهم النار ليس بإهانة مجردة. ولذلك يكرمهم الله تعالى بأن لا يحترق فيها (¬3) بعض أجسادهم (¬4).
فقد روى أبو هريرة عن النبي - عليه السلام - في حديث الشفاعة قال (¬5): «فيعرفونهم في النار بأثر السجود» (¬6)، يعني الملائكة، تأكل النار من ابن آدم إلا أثر السجود، حرم الله على النار أن تأكل أثر السجود.
¬_________
(¬1) رواه البخاري (2308 - 6170) وأحمد (3/ 13 - 57 - 63 - 74) وابن حبان (7434) والحاكم (3349 - 8706) والطبراني في الأوسط (2749) وأبو يعلى (1186) عن أبي سعيد.
(¬2) من (ب).
(¬3) في (أ): يخترق، وأحيل على الهامش هنا ولا يظهر في الأصل شيء، والمثبت من (ب).
(¬4) في (ب): أجسامهم.
(¬5) ليست في (ب).
(¬6) رواه البخاري (773 - 6204 - 7000) ومسلم (182) وأحمد (2/ 275 - 293 - 533) وابن حبان (16/ 7429) وغيرهم عن أبي هريرة.

الصفحة 160