كتاب تحرير المقال في موازنة الأعمال وحكم غير المكلفين في العقبى والمآل (اسم الجزء: 1)

كانت له الحظوة عنده والمنزلة لديه، ولذلك جاء في حديث الشفاعة: «إن الله تعالى يقول لأهل الجنة وفيهم من دخل النار قبل ذلك: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا» (¬1).
الرابع من تلك الوجوه: إن الله تعالى لم يخبرنا في القرآن بأن (¬2) أهل الكبائر يدخلون النار ثم يخرجون منها إلى الجنة حتى يجعلهم قسما برأسه فيذكر من أين يأخذون كتبهم، وإنما تولى الله تعالى في القرآن تبيان من يدخل الجنة مخلدا ومن يدخل النار مخلدا، فقال تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} ... [النساء: 13 - 14].
وكذلك الآيات التي تقدم ذكرها مثل قوله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} [الإنفطار: 13 - 14]، وقوله: {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} [هود: 105]، وقوله: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ} [الغاشية: من 2 - 3]، {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ} [الغاشية: 8 - 9]. إلى آخر الآيات. وقوله: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران: 106] وقوله: {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} [الشورى: 7].
¬_________
(¬1) رواه البخاري (6183 - 7080) ومسلم (2829) والترمذي (2555) وأحمد (3/ 88) وأبو عوانة (449) عن أبي سعيد.
(¬2) في (ب): ان.

الصفحة 162