كتاب تحرير المقال في موازنة الأعمال وحكم غير المكلفين في العقبى والمآل (اسم الجزء: 1)

(تفسير: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ}) (¬1)
فإن المفسرين اختلفوا في قوله: فمنهم ظالم لنفسه:
فقال بعضهم: هو الكافر (¬2).
وقال بعضهم: هو صاحب الكبائر الذي لم يتب منها. (¬3)
فأما من قال إنه الكافر فاحتج أو احتج من احتج له بكون الله تعالى سماه ظالما لنفسه، وقال: إن هذا اللفظ إنما يطلق على الكفار بدليل قوله تعالى: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ} [النحل: 28].
وهذا الاحتجاج ليس بصحيح، لأن هذا اللفظ كما يطلق على الكافر يطلق أيضا (¬4) على المؤمن المذنب، قال الله تعالى حكاية عن آدم وحواء: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا} ... [الأعراف: 23].
¬_________
(¬1) هذا العنوان زيادة مني.
(¬2) رواه ابن أبي حاتم عن ابن عباس، كما في تفسير ابن كثير (3/ 555).
ونحوه عن عكرمة.
(¬3) قال مجاهد: هم أصحاب المشأمة.
وقال الحسن وقتادة وغيرهما: هو المنافق.
وقال قتادة والضحاك: هو المؤمن العاصي.
راجع تفسير ابن جرير (10/ 413 - 414) وتفسير ابن كثير (3/ 555)، وتفسير القرطبي (14/ 346).
(¬4) ليست في (ب).

الصفحة 169