كتاب تحرير المقال في موازنة الأعمال وحكم غير المكلفين في العقبى والمآل (اسم الجزء: 1)

وذلك المعنى في اللغة هو: الرجوع، ومنه قوله - عليه السلام -: «نعوذ بالله من الحور بعد الكور» (¬1).
وأما تفسيره الحور بالهلاك فهو غير معروف، وكفى بما قدمناه في ذلك عن أهل التفسير وغيرهم، إذ اتفقوا على أن معنى يحور: يرجع، فإنهم قالوا: معناه إنه ظن أن لن يرجع إلى الله، على ما أصلوه من أن الآية نزلت في الكفار.
ثم إطلاق ابن حزم الهلاك على من يكون مآله الجنة من المذنبين خطأ، وإنما الهالك من يقع اليأس من فلاحه، كما قال النبي - عليه السلام -: «ولا يهلك على الله إلا هالك» (¬2).
الثالث: كونه يقدر أن المعنى إنما هو ظن أن لن يرجع إلى النار، والمؤمن المذنب كيف يظن أنه لا يرجع إلى النار وهو لم يدخل النار قبل ذلك ولا رءاها، والرجوع إنما معناه: العودة إلى أمر قد وقع الانفصال منه والمفارقة له.
¬_________
(¬1) رواه مسلم (1343) والترمذي (3439) والنسائي (5498 - 5499 - 5500) وابن ماجه (3888) وأحمد (5/ 82 - 83) والدارمي (2572) وابن خزيمة (2533) والبيهقي (5/ 250) وعبد الرزاق (5/ 154) وابن أبي شيببة (6/ 78 - 534) والطيالسي (1180) عن عبد الله بن سرجس.
(¬2) رواه مسلم (131) وأحمد (1/ 279) وأبو نعيم في المستخرج (338) وأبو عوانة (242) والطبراني في الكبير (12/ 161) عن ابن عباس.

الصفحة 186