كتاب تحرير المقال في موازنة الأعمال وحكم غير المكلفين في العقبى والمآل (اسم الجزء: 1)

أحدهما: إن الناس الذين هم جميع الأمم ليس لهم غرض في الشفاعة الثانية، لأنهم بمعزل عنها، وإنما الشفاعة التي تعم الجميع هو زوالهم من هول ذلك المقام فقط، فهي التي يطلبون وعليها يحرصون.
ولذلك تضمن الحديث أن مدافعة الأنبياء للشفاعة إنما (¬1) تكون حين يموج بعض الناس في بعض، وليس ذلك إلا في أول الحال قبل الحساب والعقاب.
والوجه الثاني: ما ذكر في الحديث من كونه - عليه السلام - إذا وصل الأمر إليه سجد فقيل له: ارفع رأسك وسل تعطه فيقول: أمتي أمتي. فيقال له (ق.41.ب): اذهب فأخرج من النار من في قلبه مثقال كذا.
فكيف يخرج من النار من أمته من هو بهذا الوصف، وأمته لم يذكر في الحديث أنهم دخلوا النار بعدُ.
وذلك كله يدل على أنه سقط من الحديث ذكر الشفاعة التي يحتاج إليها الخلق كلهم، وهي المشار إليها في حديث حذيفة وأبي هريرة معا عند مسلم، فإن فيه - وهو حديث الشفاعة -: «فيأتون محمدا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيقوم ويؤذن له وترسل الأمانة والرحم فيقومان جنبتي الصراط يمينا وشمالا». الحديث. (¬2)
¬_________
(¬1) ليست في (ب)، وفي (أ) كتبت في الهامش.
(¬2) رواه مسلم (195) والحاكم (4/ 631) وأبو يعلى (11/ 79) وغيرهم عن أبي هريرة.

الصفحة 213