كتاب تحرير المقال في موازنة الأعمال وحكم غير المكلفين في العقبى والمآل (اسم الجزء: 1)

أحدهما: أن يكونوا قد ذهلوا عن هذا العلم في ذلك اليوم كما تذهل الرسل عندما يقول الله تعالى لهم: {مَاذَا أَجَبْتُمُ} [القصص: 65]، فيقولون: لا علم لنا، على أحد التأويلين (¬1)، وكما تذهل كل مرضعة عما أرضعت.
فإذا ذهلوا دخلوا مع الناس في توجههم إلى آدم وغيره من الأنبياء.
الثاني: أن لا يذهلوا عن هذا المقام ويعلمون أن محمدا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هو صاحبه لكنهم يكونون مغمورين في الخلق لقلتهم بالإضافة إلى كثرة الخلق، «إذ هم منهم كالرقمة في ذراع الحمار، أو كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود» كما جاء في الحديث (¬2).
فلا يسعهم إلا الكون في جملتهم حتى يمتازوا عنهم حين يقال: «لتتبع كل أمة ما كانت تعبد، فتبقى حينئذ هذه الأمة فيها منافقوها حتى يقع الفصل فيهم» (¬3).
¬_________
(¬1) هو قول مجاهد والحسن والسدي، كما في تفسير ابن كثير (2/ 114).
(¬2) رواه البخاري (6163) ومسلم (221) والترمذي (2547) وابن ماجه (4283) وأحمد (1/ 386 - 437 - 445) والبيهقي (3/ 180) وأبو عوانة (250) والبزار (1850) والطيالسي (324) عن ابن مسعود.
ورواه البخاري (4464) ومسلم (222) وأحمد (3/ 32) وأبو عوانة (253) عن أبي سعيد.
(¬3) هو طرف من حديث الشفاعة، وقد تقدم.

الصفحة 217